الإثنين, 30 / 01 / 2012
يستمر موقع ويكيليكس في عرض مفاجأة تلو أخرى، وتبدو كالعادة متسقة مع الأحداث والأسئلة الراهنة، وإن لم يستطع ويكيليكس نشر الوثائق لسبب أو لآخر فإن تسريبها أمر متوقع.
في وثيقة حديثة أشيع أن الموقع سربها تم الكشف عن أن رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني أبلغ “إسرائيل” أن الدوحة تتبنى خطة لضرب استقرار مصر بعنف والأمر كذلك يشمل لعبا بمشاعر المصريين لإحداث الفوضى عن طريق قناة الجزيرة باعتبارها عنصرا محوريا في الخطة، وفي لقاء سري جمع بين بن جاسم ومسؤول إسرائيلي نافذ في السلطة أبلغه فيه نيته تلك، وصف مصر بـ”الطبيب الذي لديه مريض واحد” ويفضل أن يستمر مرضه لفائدته الخاصة، واعتبر بن جاسم أن المريض الذي لدى مصر هو القضية الفلسطينية في إشارة منه إلى أن مصر تريد إطالة أمد القضية الفلسطينية دون حل حتى لا تصبح مصر بلا قضية تضعها في منصب القائد للمنطقة العربية.
تسرب وثائق مدفوعة الثمن
أشار جوليان أسانج مؤسس موقع ويكيليكس إلى أن لديه 7 وثائق عن قطر نشر منها 5 وثائق وحجب وثيقتين، ويقال أن ذلك جاء بعد تفاوض قطر مع إدارة الموقع الذي طلب مبالغ ضخمة حتى لا يتم النشر لما تحويه من معلومات خطيرة عن لقاءات مع مسؤولين إسرائيليين وأمريكيين كانت في مجملها للتحريض ضد مصر، ويقال كذلك إن الموقع حصل على الثمن من قطر.
وكجثة الغريق التي تأبى إلا أن تطفو، فإن عدة وسائل إعلامية وصلتها تسريبات عن الأمر، أهمها جريدة “الغارديان” البريطانية والتي نشرت نص الوثيقتين على موقعها، وشملت ضمن محتواها تحليل السفارة الأميركية لموقع قناة “الجزيرة” على خريطة التحرك السياسي لقطر ودورها في رسم ملامح سياسة قطر الخارجية.
الوثيقة ولقاء الـ 50 دقيقة
وتتحدث الوثيقة التي حملت رقم 432 بتاريخ الأول من تموز 2009 عن اللقاء الذي استغرق 50 دقيقة بين الشيخ حمد بن جاسم وقناة “الجزيرة” والذي أسهب فيه بن جاسم عن السياسة الخارجية القطرية في عدد من الموضوعات بما فيها المصالحة الفلسطينية و”عملية السلام” ولم يدّخر جهداً في شن هجوم شرس على مصر وسياساتها بشكل مباشر وغير مباشر في لحظات أخرى، وقد قام السفير الأميركي بتحليل اللقاء، وأشار في مجمل تحليله إلى كون “الجزيرة” أداة في يد القطريين يستخدمونها كيفما يشاؤون لخدمة مصالحهم على حساب قوى أخرى بطبيعة الحال.
“جزيرة” الخارجية القطرية
أما الوثيقة الثانية والتي حملت رقم 677 بتاريخ 19 تشرين الثاني 2009 فقد تعلّقت بتقييم شامل تعده الأقسام المختلفة بالسفارة كل في اختصاصه حول قطر وتطرق التقييم إلى دور قناة “الجزيرة” في منظومة السياسة القطرية وتحليل توجهات الشبكة منذ تولي الرئيس الأميركي باراك أوباما لمقاليد السلطة في واشنطن، وأشارت الوثيقة إلى أن تغطية “الجزيرة” أصبحت أكثر إيجابية تجاه الولايات المتحدة في الوقت نفسه يؤكد التقييم بقاء “الجزيرة” كأداة للسياسة الخارجية القطرية.
لم تنته المعلومات عند هذا الحد الذي يراه البعض بديهيا، لكن اللافت الحقيقي و المثير كذلك هو تأكيد الوثيقتين على جزئية تكليف بن جاسم، بعد اجتماعه بعدد من المسؤولين الإسرائيليين والأميركان – للجزيرة ببث كل ما يزكي إشعال الفتنة في الشارع، و ليس الأهم هو مابين الشعب والنظام، لكن بين المصريين أنفسهم كشعب، ولتكتمل الصورة البارزة ذكرت الوثيقة أن توتر العلاقات مع الدوحة لأي نظام عربي سيجر عواصم هذا النظام أو ذاك لأزمة مخيفة، باعتبار أن النظام القطري يستخدم دائماً قناة “الجزيرة” كعصا تصفية الحسابات مع خصومه، وهذه الوصفة نجحت أكثر من مرة في إشعال الجو العام في عدد كبير من الأماكن.