ماريا ديب ورحلة من العطاء

ارتبط اسمها ببرنامجها الشهير "ما يطلبه الجمهور" لكن تجربتها الإعلامية المديدة والخصبة سوف تحيلنا إلى محطات أخرى ممهورة بظلال مضيئة، ظلال شخصيتها اللامعة وحضورها الفاعل على مساحة الحلم والواقع،


إنها ماريا ديب الإعلامية السورية البارزة في رحلتها التي تكثّف حضوراً مثقفاً عميق الأبعاد متنوعاً، دالاً بانفتاحه على الحياة ومحبة الناس، في علاقة متبادلة تحتفي بالحوار وتغتني بالتفاعل الخلاق، إنها خلاصة تكوين أسري متميّز، لتحمل رسالتها بصوتها العابر لثقافات وأجيال والمتصل بنبض اللحظة المتصلة،


غواية آسرة.. أثيرة


كان التلفزيون بسحره وجاذبيته، حافزاً لابنة الثمانية عشرة عاماً إثر نيلها شهادة الدراسة الثانوية، أن تتقدم لمسابقة انتقاء مجموعة من المذيعين والمذيعات عام 1969- 1970.
ولعلها مصادفة جميلة أن يسفر توقها الداخلي إلى الانخراط في تلك المسابقة، وتجتاز اختبارات القبول وتستعد لرحلتها في عالم الإعلام وثقافته وتقنياته.

تم قبول ماريا ديب في تقديم البرامج التلفزيونية التي تستقطب اهتمام الجمهور، عتبة أولى للاحتكاك والتفاعل، ليكون برنامجها الأول في التقديم هو "الأرشيف" ومن ثم "مجلة الشعب" الذي أعدّه الأستاذ محمود الخاني،

وبفضله دخلت فضاءات الحوار التلفزيوني، أسُسه وقواعده وفنيته، بما يشي بإرهاصات تجربة إعلامية سوف تكتنز بعلاماتها وخصوصيتها، في ثنائية قضايا الوطن ونبض الناس، والوقوف على معاناتهم والسعي لإظهار قضاياهم وحلّها، على اختلافها وتباينها.


ما يطلبه الجمهور


لكن برنامج "ما يطلبه الجمهور" ذا الاستقطاب الشعبي الواسع، في توجهه لمختلف الشرائح الاجتماعية وبشكل خاص الأسرة بكافة أفرادها، سيكون أحد أكبر علامات ماريا ديب، الضيفة التي تجمع أفراد الأسرة في لحظات خاصة دافئة، لتتواصل معها بلحظات إنسانية كثافتها في المحبة والاحترام والامتنان أقرب إلى عقد اجتماعي خالص،

البرنامج الذي قدمته الإعلامية ماريا ديب لأكثر من 25 عاماً، كان جسراً حقيقياً بينها وبين المشاهدين، كوّن صداقات لا تحصى، ومن خلاله ظهر العديد من الفنانين السوريين والعرب، واستضاف مطربين في لقاءات حوارية أغنت ذاكرة المشاهد السوري والعربي، بما تضمنته من معاني ودلالات وطنية وقومية،

تقول ماريا ديب: "عندما يقول لي الناس أهلاً وسهلاً بك ماريا ديب أكون سعيدة جداً، وهذا الذي أضاف لوجودي وشخصيتي من اعتزازي من خلال ما يطلبه الجمهور".

كان عقد الثمانينيات قد شكّل انعطافاً على صعيد فورة العمل الإعلامي بفعل انتشار الأقمار الصناعية، ذلك ما شكل دافعاً لها للانطلاق إلى كافة المحافظات السورية، لتعمل على التعريف بسورية وحضارتها وجمالها من خلال المطرب السوري الذي ظهر من خلال اللقاءات الفنية.

وهكذا انطلقت عام 1979، ولاسيما في بداياته خارج "الأستوديو" لتكون أول من حمل الكاميرا المحمولة والملونة، لتصوّر أول مزرعة لإنتاج الورود في سورية، وأتاح لها التنقل عبر المحافظات والمناطق السورية "اللاذقية- كسب- الحسكة- القامشلي- دير الزور" وغيرها أن تقف على جماليات مخبوءة، راسمة دلالات سياحية وجغرافية وتاريخية،
إنها سورية الجميلة التي تنفتح أمام الرؤيا، لتعود إلى مكان الذاكرة تبث بعين الكاميرا، شعريته وخصوصيته وتفاصيله المكوّنة للحظة عشق الوطن وأبجدية الوصل مع ذاكرته الرحبة.


تماهت "أم عمار" ببرنامجها الأثير، ليصبح موئل اجتماع الأسر في مساءات دمشق الجميلة، ومازال في الذاكرة برنامج "ما يطلبه الجمهور" بمقدمته الأنيقة الإعلامية ماريا ديب، ببوحه وانكشافه واتصاله بوجدان الناس وذكرياتهم الجميلة، ربما بالمعنى التاريخي، لكن الأدّل هو المعنى الإنساني الجامع في مساحة إعلام تفاعلي مفتوح.


عشرة عمر... نهج المحبة

عملت الإعلامية ماريا ديب من خلال برنامجها "عشرة عمر" على تعميق المحبة والمودة بين الآخرين، تقول معلّلة رؤيتها في برنامجها: "إذا لم يكن ثمة حب بين الآخرين، لن يكون هناك مستقبل لوطن أو لأمة... سيكون دمار، بالمحبة نتجاوز كل شيء".

عشرة عمر قد يختار زوجين أو صديقين وسواهما، ليضعهما على مدارج أسئلة حاسمة منها: ماذا أضافت هذه العشرة لكليهما؟!. لينهض برنامجها على فكرة التجانس بين من تختارهم، وهكذا استضافت عشرات الشخصيات،

ولأول مرة في سورية تستقدم الأزياء السورية الحديثة لإظهارها للعالم، وتنوع برنامجها ليكون "عشرة عمر" مع الغناء، ولينفتح على تجارب فنية واجتماعية لافتة، تستبطن صيرورة الحب بأشكاله واختلافه إلى ما يجمع ولا يفّرق، وتسبر أعماق "ضيوفها" ليكون المتاح من البوح فضاءً طليقاً لمشترك إنساني نسيجه الدافئ نهج المحبة.


أغاني على الهوا


ينطلق برنامجها "أغاني على الهوا" من فكرة أساسية هي التواصل مع الجمهور خارج سورية، هو برنامج لكافة السوريين، ثمة خيط رفيع يربطه ببرنامجها الأول "ما يطلبه الجمهور" هو أن تظهر ماريا ديب المُحِبّة لكل الناس، ولعل شخصيتها المحبة جعلت برنامجها يحظى كما حظي من سبقه بمكانة خاصة لدى مشاهديه، الذين تواصلوا بـ"الفاكس" آنذاك وكان الوسيلة المتاحة ليرسموا صور اللقاء، ويبثوا مشاعرهم وأحاسيسهم لوطنهم، ويحدث أن تنادى باسمها "أم عمار" خارج المألوف ما يشعرها بالامتنان، وذلك ما كان يحملها على البكاء، في لحظة إنسانية فارقة، حينما يبلغ التواصل ذروته مع دخول "الإيميلات" وما كان يرسل فيها من رسائل تجسّد المحبة والعطاء.

وإذا قيل لها: "نحن نجلس عندما نرى "أغاني على الهوا" لنرى ماريا ديب، فقد ذهب من قال ذلك إلى أنه يشاهد من تربطهم بالوطن وتجمعهم في كافة أنحاء العالم في تلك اللحظة بالذات، حول نهجها الذي ينفتح به الحب على حب الإنسان للإنسان.


برامج كثيرة مرّت في حياتها لتستذكر كبار المعدين ومنهم الراحل رياض سفلو الأديب والإعلامي الذي أعدّ برنامجاً بثّ كل جمعة، عني بالمناسبات، والسهرات وأبرز ما شاركت فيه الإعلامية ماريا ديب كان برنامج "ليالينا" و"ألوان" بِسِمة أساسية هي التواصل..

في برنامج "ألوان" تتذكر أنه لأول مرة تم الاحتفال في سورية بعيد الحب "الفالنتاين" فكان الحديث عن الحب- محبة البشر لبعضهم، وبتحرير المعنى وإطلاقه، من حيزه الضيق، ليجول في فضاءات إنسانية رحيبة.


كثافة العالم الجميل

تجربة غنيّة اغتنت بمحبة المشاهد واحترامه، وبجمالية التنوع والدخول في مساحات أعمق إثراءً لطبيعة برامجها الاجتماعية الهادفة، لترسو على كثافة العالم الجميل، بإشرافها على برامج الأطفال في التلفزيون العربي السوري، فمن رئاسة المذيعين إلى عالم الطفل، لعلها أرادت بعد مرحلة معينة أن تتوقف عن الظهور على الشاشة، إلا إذا استدعى الأمر ذلك.

تقول الإعلامية ماريا ديب: "يجب أن يأخذ الجيل الجديد مكانه، يجب أن تكون الرؤية واضحة بالنسبة لهم، نحن حفرنا، وأمامهم الأرض مفروشة بالزهور... فالعمل الإعلامي لا يتوقف على أسماء بعينها... فكرت بشيء...

وكان الاقتراح من السيدة الإعلامية ديانا جبور مديرة التلفزيون أنه يمكن الاستفادة من خبرتي الطويلة في مجال إعداد البرامج في مجال برامج الأطفال".

وهكذا شهد عام 2005 تحولاً جديداً في مسيرة الإعلامية ماريا ديب المهنية. فالطفل هو المستقبل، لذلك انطلقت من مقومات أساسية هي الرؤية الشاملة لوضع الطفل، وأن تبث عبر البرامج المدروسة والمنتقاة رسالة تربوية وتعليمية وصحية وثقافية متكاملة، فمثلاً توجه الأطفال بطريقة مختلفة للانتباه إلى مضار التدخين الصحية، أو كيفية حمل الحقيبة المدرسية أو الجلوس، الكتابة، القراءة.
وتقول: "ما يبث لدى التلفزيون العربي السوري مدروس، غايته حضّ الأطفال للابتعاد عن العنف، فالرسائل التي يبثها الكثير من الإعلام الغربي لكافة أطفال العالم هي القتل!.

نحن نتكامل كمؤسسة، ونحن جزء من المجتمع، فالأطفال هم بناة المستقبل وجيله المستقبل، وهم من يصون الوطن، ولاسيما إذا تسلحوا بالإيمان والمعرفة".


فضائية سورية للأطفال

أحلم بفضائية سورية للأطفال، وبمحطة خاصة للأطفال، تبث الأشياء الجميلة والإنسانية... بهذه الكلمات تجلو الإعلامية ماريا ديب هواجسها المشروعة بقدر عالٍ من التفاؤل والاستجابة للتحديات التي يفرضها علينا العالم، ثمة رسالة تؤدى من خلال الأطفال للعالم كله، انتماءهم لوطنهم وعروبتهم، لأن الطفل قادر على التوصيل للطفل الآخر،

الطفولة هاجس العالم مستقبلها وجماليتها..

تتذكر فيهم- الأطفال- أولادها وتربيتهم، فهم أجمل ما في حياتها، من تعايشت معهم بكل صدق وأمانة، ولسان حالها يقول: أفتخر بأولادي وأعتز بهم، تربوا على الثقافة والإخلاص والاستقامة على الشيء الجميل في الحياة، لترسخ خلاصة تجربتها وهي قمة عطائها. فسنواتها الست في الإشراف على دائرة الأطفال مليئة بالإنجازات في سياق إستراتيجية إعلامية واضحة وصريحة، تنقل حضارة وثقافة سورية للعالم كله.

ماريا ديب وهي ترنو لابنتها الطبيبة والإعلامية عبر إحدى محطات التلفزيون العالمية لكأنها تهمس في أذنها: "كوني ابنة سورية البارة... أمينة على المبادئ التي حملها والداك، فأنت استمراريتهما".

لكنها لا تخفي اعتزازها بما وصل إليه التلفزيون العربي السوري لتشدد على الوضوح والصراحة لتعزيز دور إعلامنا الوطني ورسالته.

ماريا ديب أضافت الكثير لتظفر بمحبة الجمهور، إنها سطر من الحب في ذاكرتنا الملونة وما زالت منذ أربعين عاماً تبدع المحبة، والحوار، عطاء لا يستنفد بإرث موصول من التاريخ إلى التاريخ، صانعة فرح أزلي، تتماهى بوطنها، فصلاً باذخاً في سيرة اسمها سورية.


ماريا ديب.. سطور وعناوين


ولدت الإعلامية ماريا ديب في محافظة طرطوس.
بعد نيلها الشهادة الثانوية دخلت تجربة الإعلام المرئي عام 1969- 1970، مقدمة برامج تسجيلية قديمة، ثم انطلقت لمجموعة من البرامج المتعددة والمنوعة والثقافية. تحمل إجازة في الإعلام من جامعة دمشق.

اعتبر برنامجها "ما يطلبه الجمهور" من البرامج الخالدة والباقية في ذاكرة الناس.
من البرامج التي قدمتها: "ألحان" وهو من إعداد الزميل الراحل راتب حداد و"محطات تلفزيونية" من إعداد د. رياض نعسان آغا، و"تلفزيون المساء".
واكبت التلفزيون العربي السوري بانتقاله من البث "بالأبيض والأسود" إلى الملون، وتعتبرها مرحلة تحوّل هامة وتجربة مختلفة، على مستوى التفاصيل المهنية...

تقول: "الكاميرا فاضحة لما داخل الإنسان لكنها صديقة كما الكتاب والقلم، فللصوت قيمة، لكن ما يبقى هو الرؤية التي يعبّر عنها الإعلامي...".
تترأس حالياً دائرة الأطفال في التلفزيون العربي السوري وتشرف على برامج توجه للأطفال وتقارب قضاياهم وشواغلهم ومساحاتهم المبدعة.

حصدت برامجها وأفلامها العديد من الجوائز العربية والعالمية في العديد من المهرجانات، منها "الأمنية الخامسة" جائزة مهرجان القاهرة وهو من سيناريو وحوار الأديب نور الدين الهاشمي وإخراج محمد شيخ نجيب إنتاج عام 2006. "الأحلام الذهبية" ذهبية مهرجان تونس، وهو من تأليف الأديبة لينا كيلاني وإخراج حسام داغستاني. "أزهار الصداقة" الجائزة الفضية وهو من تأليف نور الدين الهاشمي إنتاج 2006. "بنت العز" جائزة من نيويورك، وهو من تأليف أحمد صالح وإخراج غازي إبراهيم. "دفتر حكايات" ترغيب الأطفال بالعودة للقراءة تأليف أنطوانيت القس، بطولة الفنانين نضال سيجري وشكران مرتجى، سيناريو خديجة أبو قاسم إنتاج 2008.

مؤخراً حصلت على جائزة "بري جينيت" في ميونيخ عن فيلم "المنعطف" الذي يطرح بجرأة لافتة قضية تحول الفتاة من الطفولة إلى الشباب، سيناريو وحوار وإخراج منال صالحية إنتاج 2010 والجدير بالذكر أن مهرجان ميونيخ هو من أهم المهرجانات التي تقام للأطفال كما حصلت على جوائز عدة من اليونيسيف.


تقول الإعلامية ماريا ديب: ثمة ذكرى جميلة أحب أن أذكرها، هي التقديم الذي قدمته على شاشة التلفزيون البلغاري، بمناسبة العيد الوطني 17 نيسان، عندما ألقيت التحية باللغة البلغارية، ونقلت تحيات الشعب السوري للشعب البلغاري.
في مهرجان بصرى الدولي، وقفت أمام الحضور في لحظة نادرة اختلط فيها الفرح بالدموع أمام عظمة المكان وهتاف الحضور.
تعلّق على تكريمها في عيد الأم بأنه من أجمل اللحظات التي مرت في حياتها، تقول: أجمل ما في حياتي أولادي الذي أعتز بهم وزوجي الذي كان له تأثير كبير في حياتي، وعملي الذي أحبه كثيراً.

وتضيف ماريا ديب: شخصيتي وصلت للمشاهد، فأعطاني أجمل شيء في الدنيا: المحبة، وأعتز بمسيرتي الإعلامية ورصيدي إرث لأبنائي، ورسالتي ومحبتي أتمنى أن تنتقل للآخرين وللعالم.

إن لكل جيل جماله الخاص، والحب يقوى مع الزمن بالتواصل الفكري وبالتضامن، هكذا نبني أسرة متميزة، تفهم أن الرجل هو الأهم، وهو الأدل في كل الأمور التي توصلت إليها.

عندما أسجل أي برنامج أكون أكبر ناقد لنفسي... أنا أحب مهنة الإعلام ومازلت من أربعين سنة آتي إلى عملي بكل محبة ونشاط.


.........

شكرا الك اخت امونة لهذه الذكرى

التي المذيعة الرائعة إم عمار

انا لا اعرف هته المذيعة الرائعة لكني اعجبت بها من مقاللك ااماني

شكرا لك اخ عمار , شكرا عزيزتي سميرة لمروركما
المذيعة ماريا ديب من المذيعات اللاتي قدمن الكثير للتلفزيون السوري وكانت برامجها تسحوذ اعجاب الناس ,
وللاسف سميرة لم استطع ان اضع صورة لهذه المذيعة هنا لاعرفك عليها مع انني اعتقد انك رايتها من قبل

ممكن اكون رايتها لكن لا اعرف اسمها لانني اشاهد الفضائية السورية

نعم انها مذيعة مميزة كون ادائها وحضورها مميز عدا ذالك له صوت رائع على المستمع من يسمع ويشاهد المذيعة أم عمار يجذب اليها فورا ياريت بس الخبر يكون فيه صورة المذيعة لاني فعلا احب هذة المذيعة

لو لقيتو صورة الها انشروها بليز