السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيكم
هل القول بأنه ( من دخل النار لم ينظر الله إليه ، ومن صُرف عنه نظر الباري سبحانه دخل النار )
هل هو صحيح ؟
وإن كان صحيح فما الدليل عليه ؟
الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وبارك الله فيك .
قال تعالى : (كَلاَّ إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ) .
واستَدَلّ أهل العِلْم بهذه الآية على أمرين :
الأول : أن حَجْب الكُفّار عن ربهم سبب غضبه سبحانه وتعالى
وسخطه عليهم ، وهو إيذان بِدخولهم النار ، لأنه سبحانه وتعالى قال بعد ذلك
: (ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُو الْجَحِيمِ) .
الثاني : مفهوم المخالفة في الآية ، وهو إثبات رؤية المؤمنين لِربهم في عرصات القيامة ، وأنهم لا يُحجبون عنه .
قال الحسن البصري : لو عرف المؤمنون أنهم لا يَرون الله في الآخرة لانْزَهَقَتْ أرواحهم في الدنيا .
وقال الإمام مالك : لو لم يَـرَ المؤمنون ربهم يوم القيامة لم يُعَـيِّر الله الكفار بالحجاب .
وقال الربيع : قلت للشافعي : أيُرى الله بهذا ؟ فقال : لو لم أوقِن أن الله يُرى في الجنة لم أعْبده في الدنيا .
وقال الشافعي أيضا : لَمَّا حَجَب هؤلاء في السخط كان في هذا دليل على أن أولياءه يَرونه في الرضا .
قال ابن القيم :
ولقد أتى في سورة التطفيف أن *** القوم قد حُجِبُوا عن الرحمن
وإعْرَاض الله تبارك وتعالى عن الكافرين يَكون في مواقف
القيامة ، كما جاء مُصرّحا به في غير موضع من كِتاب الله ، كقوله تعالى :
(إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا
قَلِيلا أُولَئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الآَخِرَةِ وَلا يُكَلِّمُهُمُ
اللَّهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ
وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) .
ويكون في النار ، مع ما يُقال لهم من توبيخ وتصغير .
قال القرطبي في تفسيره : القيامة مواطن ؛ فَمَوْطِن يَكون فيه سؤال وكلام ، ومَوْطِن لا يكون ذلك فيه . اهـ .
وقد
يكون صَرْف النظر عن أهل الكبائر ، فيكون ذلك في وقت دون وقت ، فيُعذّبُون
في مواقف القيامة بِصَرف النظر عنهم ، ويُعذّبون في النار ، ثم يُخرَجون
منها إذا كان معهم أصل التوحيد .
وذلك
مثل قوله عليه الصلاة والسلام : ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمْ اللَّهُ
يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ
عَذَابٌ أَلِيمٌ . قَالَ أَبُو ذَرٍّ رَضْي الله عَنه : فَقَرَأَهَا
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلاثَ مِرَارًا .
قَالَ أَبُو ذَرٍّ : خَابُوا وَخَسِرُوا ! مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ
؟ قَالَ : الْمُسْبِلُ ، وَالْمَنَّانُ ، وَالْمُنَفِّقُ سِلْعَتَهُ
بِالْحَلِفِ الْكَاذِبِ . رواه مسلم .
ومثل
قوله عليه الصلاة والسلام : ثَلاثَةٌ لا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ ، وَلا يُزَكِّيهِمْ ، وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ ، وَلَهُمْ
عَذَابٌ أَلِيمٌ : شَيْخٌ زَانٍ ، وَمَلِكٌ كَذَّابٌ ، وَعَائِلٌ
مُسْتَكْبِرٌ . رواه مسلم .
والله تعالى أعلم .