فى دراسة أعدها برنامج الأمم المتحدة لحماية البيئة
المحميات الطبيعية إحدى الوسائل الهامة للحفاظ على التوازن البيئى
ذكرت دراسة أعدها برنامج الأمم المتحدة لحماية البيئة أن المحميات الطبيعية تعد إحدى الوسائل الهامة للحفاظ على التوازن البيئى و صيانة البيئة، بما تحتويه من نباتات و حيوانات سواء على اليابسة أو فى البحار، و منع إستنزاف و تدهور الموارد الطبيعية بما يضمن بقاء و حفظ التنوع البيولوجى اللازم لإستمرار الحياة، و أشارت الدراسة إلى أن المحميات الطبيعية ترتكز على فكرة حجز أجزاء من البيئات البرية (الأرضية) و المائية (البحرية) المختلفة لتكون بمثابة مواقع طبيعية خاصة يحظر فيها نشاط الإنسان الذى يؤدى إلى استنزاف مواردها من الكائنات الحية أو تدميرها أو تلويثها.
و أنشىء برنامج الأمم المتحدة للبيئة الذى تبنى برنامج البحار الإقليمية كما تبنت منظمة اليونسكو عدة برامج هامة مثل برنامج الإنسان و المحيط الحيوى، و برز دور بعض المنظمات الدولية، مثل الصندوق الدولى للحياة الفطرية، و الاتحاد الدولى لصون الطبيعة و الموارد الطبيعية، حيث قام الاتحاد بتشجيع الدول على إنشاء المحميات الطبيعية وتقديم المساعدات الفنية لها، وهو الأمر الذى أدى إلى إعلان الكثير من المحميات الطبيعية.
و تعرف المحمية الطبيعية، سواء كانت برية أو مائية، بأنها وحدة بيئية محمية تعمل على صيانة الأحياء الفطرية النباتية والحيوانية، وفق إطار متناسق، من خلال إجراء الدراسات والبحوث الميدانية والتعليم والتدريب للمسئولين والسكان المحليين ليتحملوا المسئولية تجاه بيئتهم الحيوية، ومن ثم فهى تعد مدرسة تعليمية تدريبية تأهيلية لتحقيق الأهداف التى أقيمت من أجلها المحمية الطبيعية، و تسعى المحميات الطبيعية إلى تحقيق مجموعة من الأهداف، فى مقدمتها دعم العلاقة المتوازنة بين الإنسان ومحيطه الحيوى من خلال العمل المستمر على تغيير سلوكيات و مواقف الأفراد تجاه هذا المحيط نحو الاتجاه الصحيح، بما يساعد على حماية الأحياء الفطرية، نباتية كانت أو حيوانية من أجل استمرارية التنوع البيولوجى الذى لا غنى عنه للحفاظ على مسيرة الحياة، كما تستهدف المحميات تحقيق درجة من المراقبة البيئية المستمرة للحياة الفطرية، بهدف تفادى الإضرار بها و العمل على حمايتها و صيانتها من خلال تسجيل أثر التلوث المائى و الهوائى أو أى إستغلال جائر لهذه الأحياء لتجنب تدهورها و إنقراضها.
و لقد خلقت البيئة الطبيعية متوازنة، و فى ظل قانون التوازن الإلهى لا يطغى أى عنصر من عناصر البيئة على عنصر آخر، و لاشك أن إستمرارية التوازن الإيكولوجى تعتبر مرتكزاً إستراتيجياً للتنمية المستدامة، و ضمانا لتفادى أية مشكلات بيئية آنيا أو مستقبلا، و عندما يتدخل الإنسان و يسىء إستغلال موارد بيئته أو يحدث تغييراً جوهرياً واضحاً فى خصائص عناصر البيئة، فإن ذلك يؤدى إلى إضطراب العلاقات بين مصفوفة عناصر النظام و إختلال توازنها، و تحول الكثير من الوظائف داخل النظام من و ظائف مفيدة إلى و ظائف ضارة، و هنا يحدث ما يسمى بالخلل الايكولوجى، و ما يترتب عليه من مشكلات بيئية.
و يكفى أن نشير إلى نموذج واحد للمشكلات و المخاطر الناجمة عن الخلل الايكولوجى و هو تدهور البيئة النباتية، حيث يترتب على هذا التدهور تناقص إنتاجية الأخشاب و منتجات الغابة الأخرى من عصارات و مواد دباغة و غيرها، فضلا عن حدوث تدهور فى الأحياء الحيوانية الفطرية و المستأنسة التى تعتمد على هذه البيئة النباتية كمصدر للغذاء والمأوى.
و ذكرت الدراسة التى أعدها برنامج الأمم المتحدة لحماية البيئة أنه يترتب على تدهور البيئة النباتية تعرض التربة لمخاطر الجرف، حيث تقوم النباتات بدور الحامى للتربة ضد عوامل الجرف، إضافة إلى تدهور قاعدة العناصر الطبية الفاعلة فى صناعة الدواء، حيث تضم البيئة النباتية العديد من هذه العناصر، التى أصبح استخدامها ضروريا لتفادى الآثار الجانبية للأدوية المعتمدة على مصادر كيميائية.
و نذكر من هذه العناصر الطبية مادة الكورار، التى تستخدم فى صناعة عقار تخدير الأعصاب، و مادة إيزرين التى تدخل فى صناعة أدوية مهدئة للأعصاب و مادة ريزربين التى تساعد فى تنظيم ضربات القلب، و عندما تعانى منطقة من بوادر الخلل الايكولوجى، فإنها تحتاج ولاشك إلى حماية، و إذا كانت هذه المنطقة تحتوى على نظام بيئى متميز، أو نوع حيوانى أو نباتى متميز سواء بقيمته أو ندرته أو نوع معرض للإنقراض فإنها تصبح مؤهلة لتكون محمية طبيعية، و هكذا فى حالة تميز شكل السطح بسمات خاصة كوجود ينابيع مياه أو مناطق جيولوجية فريدة أو عندما تكون ذات أهمية للسياحة البيئية (بحيرات، شواطىء، مناطق جبلية، حياة برية) أو تشتمل على مواقع أثرية أو مواقع لها أهمية للبحوث العلمية طويلة الأمد، و أضافت الدراسة أنه يتم اختيار مواقع المحميات الطبيعية وفق معايير و ضوابط عديدة، منها ضرورة أن يكون الاختيار على مستوى العالم، ممثلا لكل النظم البيئية الحيوية لضمان استمرارية التنوع البيولوجى، وأن تحتوى المحمية على كل أومعظم أنواع الحياة الفطرية النباتية و الحيوانية المحلية للمحافظة على التنوع الإحيائى"البيولوجى"، الذى هو أساس استمرار الحياة و رصيدها الإستراتيجى.
و يراعى عند تخطيط المحمية أن تتكون من منطقتين أساسيتين، أولهما منطقة القلب أو النواة، وهى تمثل، فى الغالب، البقية الباقية من النظام الحيوى فى حالته الطبيعية، وهى منطقة يتم حمايتها حماية كاملة وصارمة،، ولا يسمح فيها بأية صورة من صور الاستغلال، و إنما تعتبر بمثابة منطقة مراقبة لما قد يحدث من تغيرات فى مكونات البيئة الحيوية، وقد تتضمن المحمية أكثر من قلب أو نواة.
أما المنطقة الثانية فهى المنطقة العازلة و هى التى يتدهور فيها النظام الحيوى، وهى المستهدفة من الحماية والصيانة، بما يساعد على إعادة تأهيلها و إستعادتها لحالتها الطبيعية، و تمارس فى هذه المنطقة الأنشطة المختلفة للمحمية من أبحاث و تجارب و تدريب و تعليم و غيرها و يتم حمايتها بشكل صارم بصورة مؤقتة حتى تستعيد طبيعتها، ومن ثم يسمح فيها باستغلال الموارد الحيوية وفق ضوابط مقننة تكفل إستمرارية حماية الأحياء الفطرية، و هذه المحميات لها فوائد و مردودات إيجابية كثيرة و تتعدى الحدود الوطنية للدول، و ذلك لما تقدمه من خدمات بيئية متعددة منها الحفاظ على التنوع الحيوى لكوكب الأرض، و الحفاظ على منابع و مصادر المياه حول العالم، و منع تدهور الموارد الطبيعية، إلى جانب تحسين و تعديل المناخ العام لكوكب الأرض، فضلا عن دعم مشروعات السياحة البيئية.