كتب ناصر قنديل
شكل انعقاد مجلس الأمن مناسبة للكشف عن الخطة الناعمة لحافة الهاوية التي لعبتها سوريا على المستوى الديبلوماسي وكيف نجحت في تفكيك ألغام خصومها وهم دهاقنة السياسة والديبلوماسية عالميا من واشنطن إلى اللوبيات الصهيونية الممتدة من باريس إلى الدوحة وأنقرة .
كانت الخطة السورية تقوم على إستدراج خصومها إلى ساحات مواجهة على أن يفرحوا بالوصول إليها ويظنوا أنهم يحققون إنتصارا، بينما تكون الديبلوماسية السورية قد اعدت لهم الكمين المحكم .
الساحة الأولى فلسطينية :
حيث أوحت سوريا أنها تخشى خسارة العلاقة مع حركة حماس وسقوط ما يسمى بالورقة الفلسطينية رغم رفض سوريا للمصطلح ، بينما كان الهدف السوري الخفي هو منع خصومها من محاولة مقايضتها في التفاوض السري على العلاقة مع فصائل المقاومة وعلى رأسها حركة حماس، فلجأت الديبلوماسية السورية إلى تقاسم أدوار مع قيادة حركتي فتح وحماس بدعوتهم إلى النأي بالعنوان الفلسطيني عن الأزمة السورية وتمنيها على الجميع عدم إتخاذ أي مواقف مساندة للدولة السورية وهذا افرح الجميع لأنه يخفف الأعباء عنها في مناخ شعبوي ملبد بالغبار تحت شعار ثورة وشعب وقمع وسواها من المفردات الاعلامية المرافقة للأحداث السورية، وبالمقابل أخذت القوى الفلسطينية بما فيها فتح على عاتقها منع أي تحركات معادية للدولة السورية فربحت سوريا أولا عدم ظهور أي تحرك شعبي مناصر للمعارضة في كل مساحة فلسطين بينما حصرت التحرك المساند في المنطقة الأصعب وهي الأراضي المحتلة العام 1948 أمام القنصليات الفرنسية والأميركية والتركية وبوجه الزوار القطريين إلى القدس، وشرب الأتراك والقطريون ومعهم الغرب كله الوصفة السورية وأكلوا الطعم وبدأوا يشتغلون على تحييد حركة حماس وتقديم المغريات لها وسوريا تشجعها على فتح مكاتب لها في عمان وأنقرة والدوحة وفك العزلة التي فرضوها عليها وساروا بالخطة السورية فرحين وهم يتوهمون تحقيق الإنتصارات، وجاء كلام خالد مشعل عن سوريا ليزيدهم فرحا ثم كلامه عن عدم الرغبة للترشح لرئاسة الحركة ففرحوا أكثر وزياة إسماعيل هنية لأنقرة فطاروا فرحا، وزيارات مشعل إلى الأردن وقطر وتلاها كلام هنية عن رفض الخروج من سوريا والتمسك بمشعل رئيسا فأصيبوا بالذهول، والآتي أعظم، ولم يعد أحد يقدر اليوم على وضع العلاقة مع حماس ضمن جدول أعمال التفاوض المقبل مع سوريا عندما يحين وقته .
الساحة الثانية المراقبين العرب :
حيث بدأت سوريا بالتعامل مع المبادرة العربية بحذر وكأنها تخشى التوصل لإتفاق يتضمن إرسال مراقبين عرب إلى سوريا حتى بدأ العد التنازلي لشروط البروتوكول وصولا إلى الأرضية السورية والتنازلات تكر سبحتها باسماء المرشحين لرئاسة فريق المراقبين حتى قبلت سوريا على مضض بإسم المرشح الفريق محمد الدابي وكأنها تخشاه وهي تعرف نزاهته وعروبته جيدا وجاء المراقبون، والكل ينتظر النتائج والتقارير وحمد الدوحة ينتظر المفاجأة المدوية بتحميل الدولة السورية مسؤولية فشل المهمة وإذ بالعكس يحصل والتقرير لصالح سوريا بكل وجوهه حتى حيث يلقي اللوم على الدولة ينصفها أنها في حالة دفاع فوقع التعريب في حضن سوريا كما رسمت وجاء التدويل مفتعلا بلا مبررات ومعاكسا لنتائج تقرير المراقبين .
الساحة الثالثة التدويل :
حيث شنت سوريا حملة شعواء متكررة على التدويل كأنها تخشاه وهي تستدرج خصومها إلى ساحته بعد ان أعدت له العدة جيدا وتعرف أنها تخلصت من عبء التعريب المملوء بالحقد والتآمر وبدأت تصل إلى المسرح الذي تتقن الحرب على ساحته، فالإستعدادات الإيرانية بلغت ذروتها لدخول أي حرب والتجاذب الدولي الإيراني يكاد يحسم لصالح الحليف الايراني والحليف المخادع في انقرة يتلون ويقرأ ويتموضع تهربا من التورط الذي بدأه في العداء لسوريا ويبلغ إيران رغبته بالتغيير والإصطفاف مجددا في البحث عن حل سياسي مع القيادة السورية بينما كانت روسيا قد اتمت الإستعدادات لتسلم الدفة في مجلس الأمن وتذوقت طعم وحلاوة العودة قيصراً للبحار من الأسود وقزوين والمتوسط وصولا إلى الأطلسي وحيث لا مناص من قرار توافقي لا مجال أن يقفز فوق دعوة الفريق الدابي إلى مجلس الأمن وتقديم تقريره ليتم التوافق على مواصلة وتعويم مهمة المراقبين العرب لكن لحساب مجلس الأمن كما سيجري في الأسابيع المقبلة وبعدها تأييد المبادرة الروسية لإستضافة حوار يضم كل الأطياف السورية بشراكة دولية والمقعد العربي يتحول كومبارس جزاءاً له على فعلته وغبائه ووفقا لروزنامة الإصلاحات التي قررها الرئيس الأسد وعلى أبواب موعد الإنتخابات وقبلها مع الدعوة لمراقبين يحضرون الإستفتاء على الدستور الجديد.
الساحة الرابعة أمنية إستخبارية وعسكرية:
وهذه الساحة اسرارها لم يحن وقت الكشف عنها بل يكفي القول أن الشهور الطويلة للأزمة والتأخر في اللجوء إلى الحسم كشف الكثير من أسرار الأسلحة ووسائل الإتصال الحديثة التي يحتاج الروسي والإيراني إلى تفكيكها وكشف اسرارها وكشف الكثير من شبكات وغرف العمليات السرية ورموزها بما يخص أمن الحلفاء دوليا .