ودّعنا عاماً زاخراً بالأحداث الكثيرة السارّة أحياناً و المحزنة
غالباً , و ربما هذا ما دفع الكثيرين في سورية لتمنّي حذف هذا العام من سنين
حياتهم الطويلة , و لكن هيهات أن يستطيع إنسان اختزال الزمن أو تخطّي ما يكره من
المصائب و المشكلات المؤرّقة .
كرة ثلج بدأت أولى ذراتها تتجمّع في تونس لتكبر في مصر و تنفجر في
ليبيا و اليمن لتصل آثارها الموجعة إلى سورية , و تتدحرج الكرة و تكبر يوماً بعد
يوم , رافقتنا في كل لحظات اليقظة و اقتحمت أحلامنا لتحوّلها كوابيس لا تنسى ,
بيوت كثيرة فقدت أحبّة أو عانت الكثير الكثير من البؤس و الشقاء و الألم , ضائقة
سياسية اقتصادية لكن الأسوأ كان أثرها الاجتماعي , حيث وجد ضعاف النفوس
الانتهازيون من سماسرة المصائب و الحروب وجدوا الفرصة أمامهم لتحصيل الثروات بجشع
و طمع في قوت الفقراء و لوازمهم , و للأسف تمايز التجّار من الفجّار الذين احتكروا
سلعاً و رفعوا أسعارها لكثرة الطلب و قلّة المعروض , فمن أزمة المازوت إلى
الكهرباء فالغاز مروراً بكلّ لوازم الحياة البسيطة , ولّعت الأسعار و التهبت و
أصبح الفقير يلهث ليل نهار يعضّ بالنواجذ على ما تبقى لديه , متطلّعاً بعين الآمل
أن تصحو ضمائر المحتكرين و لكن هيهات ...
انشغلت الدولة بمكافحة الإرهاب و الإرهابيين , فلعبت فئران
الحرامية و النصابين و المشلِّحين و انتشر العيّارون و اللّصوص في معظم الشّوارع و
الأزقّة المضيئة المظلمة و لكن ظلام نفوسهم كان أقوى و امتدّت أيديهم تنهب المال و
المصاغ و الأعراض أحيانأً .
و كم من قائل يقول : الدولة هي سبب ما نعاني ؟!! ... يا للوقاحة و البلاهة !!!
هل كلّ اللصوص و الفجار و المحتكرين شركاء للنظام في ما يمتصون من
دماء الرعيّة ؟ هل هم إلا أفراد من هذا المجتمع المطالب بالحريّة ؟ أليسوا أقاربنا
و جيراننا و معارفنا ؟ ألا نعلم جميعاً أنهم صيادو فرص في هذه الأزمات ؟
إذاً يجب أن نبدأ يا إخوتي من نفوسنا بإصلاحها ثمّ
لنحاول البحث عن إصلاح دولتنا , أن حصل ذلك فقد نجد يوماً طريق الخلاص الذي نحلم
به جميعاً , لنبني وطننا الذي نملكه جميعاً و معاً , و أرجو أن لا ننتظر ذلك
طويلاً ... الكاتب : يسر