نقل أحد السياسيين اللبنانيين الذين التقوا الرئيس الأسد مؤخراً تأكيده أن سورية تخطت الخطر الذي يهدد أمنها القومي، حيث كان المخطط يقتضي إقامة "رؤوس جسور" صلبة من المخربين يجري تقويتها مع الزمن وبالتالي تتوحد مستقبلاً لإحداث انفجار شامل في البلد.ويضيف الرئيس الأسد أن "سورية انتقلت لمرحلة معالجة البؤر الإرهابية المحدودة"، فالأجهزة الأمنية السورية أصبحت تمتلك زمام المبادرة بعد أن استطاعت أن تحدد بدقة قوّة المخربين وقدراتهم وكيفية استخدامها عند تلقيهم الأوامر الخارجية. والذي أسعف الأجهزة الأمنية السورية هو التجارب السابقة لسورية مع الأنظمة الغربية وأجهزتها والمخابرات الأميركية، وبسبب هذه الخبرة علمت سورية أنها حين تنتهي من البؤر الأمنية التخريبية، سيلجأ المخربون إلى عمليات الإغتيال والعبوات الناسفة في الأماكن المكتظة بالسكان، فحين يفشل مشروعهم يصبح الهدف الإعلامي أكبر من الهدف العملاني، أي أن يفتعلوا بعض الأحداث الأمنية البسيطة ويضخموها ليستغلوا صداها الإعلامي.والأمر الوحيد الذي يقلق الرئيس الأسد اليوم بحسب المصدر، هو الخطر الذي يستهدف المواطنين الأبرياء جراء استخدام العبوات الناسفة في أماكن الإزدحام السكاني، ما دفعه إلى إعطاء أوامر مباشرة للأجهزة الأمنية السورية للحذر وبذل أقصى الجهود لمنع وقوع هكذا أحداث، ولكن ما يريح الأسد هو أن الأجهزة الأمنية السورية معتادة على هذا النوع من الحروب وتستطيع السيطرة على هذا الموضوع ، فهو يثق بقدرة الأمن على اكتشاف وتفكيك العبوات التي تستهدف المدن بشكل خاص. لكنه يشير إلى أن "هذه العملية ليست قصيرة المدى ولا نستطيع أن نضع لها فترة زمنية محددة فهي تتطور بحسب الأوضاع السياسية الاقليمية والدولية ولكن مكافحتها تجري على قدم وساق".
وفيما يتعلق بالوضع المتوتر في الرستن وحمص وغيرها من المناطق التي يتكرر ذكرها يومياً في وسائل الإعلام، فيؤكد المصدر نقلاً عن الرئيس الأسد أن السبب الوحيد لعدم عودة الهدوء بشكل كلي إلى هذه المناطق فهو "حرص الجيش السوري على ألا يتسبب بخسائر في أرواح المدنيين، فهدفه مركّز على عمليات دقيقة وموضعية ومحددة ضد المخربين وهذا ما يؤخر عملية الحسم"، إلا أن هذا الأسلوب في التعامل مع الأزمة أدى بحسب الرئيس السوري إلى "ردة فعل إيجابية لدى الشعب فأراحته وجعلته متيقناً بأن هؤلاء ليسوا سوى مخربين يأتمرون بالخارج، وكلما ازدادت هذه القناعة لدى الشعب كلما سهل عمل الأجهزة الأمنية".أما بالنسبة للواقع الاقليمي وبشكل خاص فيما يتعلق بالدور التركي، يرى الرئيس الأسد أن دول المنطقة لديها تقريباً نفس التركيبة الإقتصادية والسياسية والطائفية وغيرها، وبالتالي هي تعاني من نفس المشاكل، و"إن حاول أحد استغلال مشاكلنا فمصيبته ستكون أكبر لأنه سيتأثر حتماً وستنتقل العدوى إليه"، لذلك يؤكد الرئيس السوري أن الوضع التركي يتطلب مراقبة وحذر إنما مفاعيله وتأثيراته ليست كبيرة و لا تشكل تهديداً مباشراً للداخل السوري. وبحسب المصدر فإن الأسد المطمئن للدور العراقي، لديه عتب أخوي على لبنان بسبب تهريب بعض الجهات فيه للأسلحة والأموال إلى المخربين نتيجة التدخل الأجنبي المباشر على الساحة اللبنانية، هذا بالإضافة إلى موضوع التحريض المذهبي الخطير الذي تمارسه بعض الأطراف، لكنه يشيد بتعاون بعض الأجهزة الأمنية اللبنانية وبشكل خاص الجيش ومخابراته في مكافحة هذه الظاهرة. ويصنف الرئيس السوري دول الخليج إلى ثلاث فئات، فبعضها ايجابي في التعاطي مع سورية وبعضها خاضع للإملاءات الأميركية بشكل كامل أما الفئة الثالثة فدورها ضبابي وغير واضح كالسعودية.وآخر ما يشغل بال الرئيس الأسد هو الحديث عن تدخل عسكري أجنبي ضد النظام، فهو لا يفكّر به بالمطلق، وكذلك هاجس العقوبات الإقتصادية التي يتعرض لها، فبالنسبة لهذه العقوبات يؤكد الرئيس الاسد أن سورية لديها اكتفاء ذاتي وتستطيع تأمين المواد الأساسية لشعبها، مشيراً إلى أن الحالة الشعبية والعلاقة بين شعوب المنطقة كسورية وتركيا والعراق تفرض تلقائياً النمو الإقتصادي وان اهتزت سورية فالجميع سيتأثر.
وفي نهاية الجلسة أكد الرئيس الأسد لمصدرنا على أهمية النهج القومي العربي لافتاً إلى أن هذا النهج هو المستهدف فعلياً. ويضيف الرئيس الأسد "القومية العربية تجعل من كل أقليات المنطقة وأكثرياتها أكثرية وهذا النهج هو الذي يحمي شعوبنا، فالصراع لا يجب أن يكون مذهبي كما يريده العدو لأن الحقيقة هي أن أساس هذا الصراع هو العروبة والمقاومة ونسبة العداء للمشروع الأميركي، وعلينا أن نعمل جميعاً على تقوية وتفعيل النهج القومي العربي