[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]لا يمكن لأحد زيارة حلب من دون المرور بجانب حديقتها العامة التي تقع بين حيّي العزيزية والجميلية وفي الجهة الشمالية لساحة سعد الله الجابر تحيط بها مناطق سكنية وتجارية وقد أضحت متنفسا طبيعيا لأهلها.
وتعتبر الحديقة العامة من أبرز معالم حلب التراثية والثقافية فهي تمتد على مساحة 17هكتاراً يحيط بها سياج حجري وفي داخلها تمتد المساحات الخضراء على مد النظر وشلالات المياه من كل الجوانب وأشجار شاهقة الارتفاع مثل الراتنجية وروبينيا والطرفة و نخيل الزينة والفلفل المالطي والميس والكيلوستروم إضافة إلى الورود.
وقد ارتبط اسم الحديقة بمجد الدين الجابري رئيس سابق في بلدية حلب الذي يعود الفضل له في إنشاء تلك الحديقة كما يقول محمد سميسم رجل في التسعينيات من العمر ويواظب على زيارة الحديقة ويضيف.. هناك البعض ممن يجهلون تاريخ هذه الحديقة التي ترتبط بمدينة حلب ارتباطا وثيقا كونها من أقدم الحدائق هنا إذ ان البعض يعتقد أن الاحتلال الفرنسي بناها ربما بسبب شكلها الذي يشبه إحدى حدائق قصر الفرساي والبعض يقول الاحتلال العثماني لكن الحقيقة أن مجد الدين وبعض الشرفاء هم من قاموا بتشييدها لأبناء حلب حتى يتمكنوا من قضاء أيام عطلتهم وأوقات فراغهم وسط مساحات خضراء مزينة بالأشجار والورود.
وللحديقة مدخلان رئيسيان عرض أحدهما عشرون مترا وهو المدخل الرئيسي مبني من حجارة بنية اللون وتتمتع الحديقة بمناخ خاص بها يختلف عن مناخ حلب الشديد الحرارة صيفا والبرودة شتاء ويقول عمر الشعار من سكان حلب.. تعتبر الحديقة بالنسبة لأسرتي وأنا شخصيا متنفسا طبيعيا لا يمكنني الاستغناء عنه وكثيرا ما أترك المنزل في الليل وأقصد الحديقة لاستنشاق الهواء النقي والتمتع بالطقس البارد التي توفره وفي أحيان كثيرة أمضي الليل برفقة أصدقائي إذ انه معروف أن الحلبيين يسهرون حتى ساعات الفجر الأولى.
وإذا كانت الحديقة متنفسا رئويا لسكان حلب فهي مكان للاستراحة بالنسبة لزوار حلب من المدن المجاورة حيث اننا غالبا ما نتوقف لأخذ قسط من الراحة في الحديقة كما يقول سامر علوان مدرس في مدينة الرقة.
ويضيف.. أثناء سفري إلى الرقة أتوقف في الحديقة العامة وأتناول السندويش وأستمتع بقسط من الراحة تحت الأشجار الخضراء النضرة ومن ثم أكمل طريق السفر وكذلك الحال بالنسبة للعديد من أصدقائي الذي يعتبرون الحديقة بمثابة علامة يجب الوقوف عندها بعدها يتم إكمال الأمور المعلقة.
ولعل التماثيل الفنية التي تنتشر في معظم ارجاء الحديقة تضفي رونقا خاصا للحديقة لدرجة أن البعض ممن يقصدها لأول مرة يعتقد إنها متحف ومن يواظب على زيارتها باستمرار يرتبط بها وبكل محتوياتها.
ويقول فراس ديوب.. أقوم يوميا بتفقد التماثيل الموجودة بالحديقة خصوصا تمثال أبي فراس الحمداني وكما أنني أقف ساعة كاملة لمراقبة تدفق مياه نهر قويق الذي يمر بالحديقة واعتكفت عن التسجيل بنوادي لياقة بدنية كون الحديقة تؤمن لي أجمل أنواع الرياضات وهي رياضة المشي بين ربوع خضراء وهواء عليل.
ولا تخلو الحديقة من أقفاص حديدية لحيوانات مثل الطاووس والقردة والدجاج عدا عن زقزقة العصافير التي تغزو سماء الحديقة.
يضاف إلى ذلك أن الحديقة باتت تشكل مصدر دخل للبعض ممن لا يجدون فرصة عمل حيث ينتشر الباعة وكذلك يوجد البعض ممن يزاولون مهنة التصوير حيث يبادرون إلى الزبون لأخذ صورة تذكارية له.
وتقول منى سعده.. رغم تطور التكنولوجيا وتوفر أجهزة الموبايل الذي تلتقط الصور بدقة إلا أن حرفية مصوري الحديقة العامة لا تضاهيها تكنولوجيا.
وترى منى أن الحديقة استطاعت تكوين جو اسري قد يعجر المنزل عن تكوينه كما أنها سمحت للعشاق الفقراء من إمكانية اللقاء المتواصل دون التفكير بالذهاب إلى مطاعم وكافتيريات باهظة الثمن فما تؤمنه الحديقة من منظر طبيعي يعجز عن تأمينه أفخم محل تجاري في العالم بأسره.