تسعى السلطات الجزائرية إلى تهدئة الأوضاع واحتواء الأزمات الاجتماعية، بعد ارتفاع محاولات الانتحار حرقا -على طريقة التونسي محمد البوعزيزي- منذ بداية الأسبوع إلى ثمان حالات احتجاجا على الأوضاع المعيشية المزرية.
ووجهت وزارة الداخلية والجماعات المحلية تعليمات لولاة الجمهورية بفتح أبواب الحوار مع المواطنين وعدم الاستهانة والاستخفاف بمطالبهم، وشددت على ضرورة حل كل "ما يتعلق بالسكن والشغل".
ونقلت صحيفة الخبر عن مصادر وصفتها بـ"المطلعة" قولها إن "التعليمات جاءت بلهجة التحذير من تكرار سيناريو أحداث الشغب والانتحار حرقا بالنار الذي تكررت مشاهده خلال أقل من أسبوع بشكل مقلق".
ولوحظ خلال الأيام المنصرمة تواجد مكثف لعناصر الشرطة أمام المقرات الرسمية وعلى جوانب الشوارع بالعاصمة وضواحيها.
وكشف مصدر للجزيرة نت أن هذه التعزيزات جاءت للحيلولة دون وقوع حوادث عرضية بعد أيام من احتجاجات اشتبك خلالها الشباب مع قوات الأمن، وكذا مخافة وقوع تفجيرات عبر سيارات مفخخة بعد عمليات السرقة والسلب التي شملت مواطنين وشركات بيع سيارات خلال الاحتجاجات الأخيرة.
وتأتي هذه التحركات الأمنية بالتزامن مع حراك سياسي بدأ يبرز على الساحة الجزائرية، حيث دعا حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية (علماني معارض) إلى تسيير مسيرة بالعاصمة، لكن وزارة الداخلية رفضت ذلك بموجب قانون منع المسيرات.
يذكر أن الجزائر تعيش حالة طوارئ منذ يناير/كانون الثاني 1992 عقب توقيف المسار الانتخابي الذي فاز فيه حزب الجبهة الإسلامية للإنقاذ المحظور، كما مُنعت العاصمة من احتضان أي نشاط بشوارعها بقانون منذ العام 2001 عقب المسيرة التي نظمتها تنسيقية العروش (حركة شعبية أمازيغية)، وقد كُسر هذا القانون بمسيرات مليونية في يناير/كانون الثاني 2009 تنديدا بالاعتداء الإسرائيلي على غزة.
حالات انتحار
ومن جهة أخرى، ذكرت الصحف الجزائرية إقدام الشباب على محاولات الانتحار في مناطق مختلفة من البلاد مثل ولايات مستغانم وجيجل وأم البواقي والوادي وبومرداس وتبسة، وكلهم اشتركوا في مطالب "الحق في العمل والسكن".
وحصلت أول محاولة انتحار في بلدية بوخضرة بولاية تبسة على الحدود مع تونس، حيث أحرق الشاب محسن بوطرفيف (27 عاما) نفسه أمام مقر المجلس الشعبي البلدي. وقال والده للجزيرة نت إنه في "حالة حرجة وخطيرة" ويرقد بالمستشفى وإنه "لم يمت" بعكس ما تداولته موقع إعلامية.
وفي ولاية أم البواقي (500 كلم شرق)، حاول شاب إحراق نفسه بعد توقيفه من عمله كعون حماية مدنية (الدفاع المدني) لمدة شهرين، لكنه تراجع بعدما أمر والي الولاية بتنصيب لجنة تحقيق في قضيته.
وبولاية جيجل الساحلية (330 كلم شرق) حاول شاب (26 عاما) وهو عاطل عن العمل إحراق نفسه. وبولاية الوادي (650 كلم حنوب شرق) حاول آخر يسن 36 عاما وعاطل عن العمل إحراق نفسه بالبنزين أمام مقر الولاية بسبب عدم تلقيه ردا على طلب لقاء بالوالي.
كما ذكرت الصحف أن شابا (37 عاما) وهو رب عائلة متكونة من ستة أفراد قد أقدم على محاولة الانتحار حرقا في السوق المركزي لمدينة الوادي، بعد أن أمره أحد رجال الأمن بإخلاء مكان عربة الطماطم وزيت الزيتون التي يسترزق منها.
وفي مدينة برج منايل بالقرب من وسط البلاد، حاول شاب (41 عاما) الانتحار على خلفية إقصائه من برنامج المائة سكن بالمدينة. كما شهدت دلس التابعة لنفس الولاية محاولة انتحار أخرى بطلها شاب (35 عاما) عاطل عن العمل، وقالت مصادر إنه يعاني من اضطرابات عقلية.
وغربا بولاية مستغانم، سكب شاب (34 عاما) متزوج وعاطل عن العمل، كمية من البنزين على نفسه أمام مقر أمن الولاية، ولولا تدخل رجال الأمن لكانت النيران قد التهمته.
الجمعة 21-01-2011