ذات خريف تساقط قلبي كأوراق الشجر ، وتساءلت كيف أحيا ، لم أعتقد يوماً بأن هذا سيحصل فقد كان قوياً متمسكاً جيداً بتلك الشجرة التي تسميها شجرة الحب لكن العاشق واهم يظن نفسه يملأ البحور من غزل عينيه غريب هذا الشعور الساذج الذي لا يقبل إلا أن يلغي العقل رافضاً تدخله أبداً وليس هناك سوى سهر وعشق وجنون وآهات...
كل هذا كان في ربيع ذلك الحب ولكن أزف الخريف بلسعات برده فلم يعد الحب يقينا شر ذلك البرد ولم تعد أحزاننا سراً لا نبوح به لأحد لقد باتت مكشوفة مثلنا على مرأى الناس ...
وتتساقط قلوبنا ويتساقط معها حب اعتقدناه عظيم فلم نكن نستطيع الرؤية في ضباب ذاك القدر الذي أعمى بصيرتنا وأجهش مشاعرنا حتى بتنا لا نرى ولا نسمع ولا نتكلم ...
نبتسم لمجرد ذكراها ونحزن يفرقاها فنهي كل في عالم اللا كل وهي هي في عالم لا يعترف بوجود أحد لأحد إلا هي ...
هي فقط...
لكن لا تطول لحظات عذابنا العذب هذا كثيراً لتبدل بسني عذاب مرّ ليس يعرف إلا عينين قرّحهما السهر وروح ملّت العذاب وشفاه اشتاقت لبسمة على محياها ... فقط بسمة
ولكن تساقط ربيع قلوبنا بخريف أحزاننا فرقصنا طرباً من شدة الألم ، بكل بساطة سقطت الورقة من الشجرة على الأرض لتتحول إلى صفراء يابسة تدوسها الأقدام وتتلاعب بها الرياح بعدما كانت خضراء شامخة في الأفق .
هي ليست إلا لحظات ترقبنا بها ابتسامة منها ودمعة ...
آه يا جبران ... وهل لدينا سوى روح أُحرقت على مواقد حبها
آه يا ربي وماذا أفعل بتلك الروح الحزينة بعد الرحيل الأخير لحبها عن ذلك الجسد ...
جسدي...عن ذاك القلب ... قلبي
تساقطت الأوراق كثيراً وابتسمت الشجرة ...
نعم فغداً ستنبت أوراق يانعة جديدة ...
وسيثمر حبي بلقاء من يستحق أخيراً ...
قالت لي الشجرة :
لا تحزن ... فمثلك مروا كثيراً من هناك حملتُ لهم حبهم وقلوبهم وأوراقهم فسقطت الأوراق...
وتعجبت من كلامي الشجرة:
أتريدون بعد أن تسقط الأوراق أن تسقط الشجرة ...
انتظر سيثمر حبك لا محالة ،لا تستعجل قدرك فكل موسم خريف سيتساقط الورق وفي الربيع ستنبت أوراق جديدة حب جديد حياة جديدة لكن ابق محباً ولا تسقط كما سقطت الورقة فتصبح مثلها ضائعاً في غياهب المجهول...
ثم صمتت الشجرة للأبد ولم أسمع بعدها سوى حفيف أوراقها الجديدة
ويا للهول فقد أحببت منها ورقة وضحكت الشجرة ضحكتها المتهكمة الأخيرة ورحلت دون عودة لأعود من حلمي هذا منتشياً بانتصار على نفسي كاد يخسرني إياها ورحلت الشجرة ورحلت الورقة...
أما أنا ... فبقيت منتظراً دون ملل...