كان آزاد عثمان يعمل في مطار حلب الدولي بصفة عامل مؤقت! ونقول (كان) لأنه
لم يعد يعمل بعدما فُصل بذريعة أنه عامل مؤقت! .. لكن لماذا فُصل ؟!
لأنه كشف حالة فساد، بل ربما حالة جرّت إلى كشف حالات أخرى؟ ماذا يفعل أزاد
اليوم؟! .. يبحث عن عمل!
لكن هل سيصمت إذا اكتشف حالة فساد أخرى كي لا يفقد عمله من جديد؟ أم أن
ضميره الوطني سيبقى حياً رغم حاجته إلى رغيف الخبز، وبالتالي العمل الذي
سيوفر له ولأطفاله هذا الرغيف؟! .. هذا ما لا نعلمه ، لكن الذي نصرّ أن
نعلمه ونؤكده أن في بلدنا العديد من الشرفاء الذين حافظوا ويحافظون على
نقائهم الوطني ، ويكشفون كل حالة فساد يمكن أن تمر عليهم !
لكن من يقف إلى جانب آزاد عثمان اليوم ؟ من يتذكره ؟ من يمكن أن يساعده في
الحصول على عمل جديد ، أو في العودة إلى عمله ليعيش بكرامة ويكشف الفساد ؟
الجواب .. لا أحد !
وآزاد عثمان واحد أو ربما من مئات أو آلاف الذين تعرضوا لضغوط ، وربما
فصلوا من عملهم ، لأنهم كانوا ضد الفساد ، وشكلوا عائقاً أمام الفاسدين ,
فهل سيعود آزاد إلى عمله ؟! وهل سيعود الآخرون الذين اكتشفوا حالات فساد
إلى أعمالهم ؟!
لا نعتقد ، لذلك نسأل .. هل نشجع بذلك على مكافحة الفساد ، أم نجعل من
يصادف بعض حالاته أحد اثنين ..إما مشاركاً فيه ! وإما ساكتاً عنه !
لكن من هو آزاد عثمان ، وماذا اكتشف ؟! أنا لا أعرفه ، لذلك أنقل إليكم بعض
ما قرأته عنه ! .. إنه عامل مؤقت (سابق) في مطار حلب الدولي ، كان يعمل
على ما يسمى ( الغنكر ) والغنكر هو الممر الذي يعبر منه المسافرون إلى
الطائرة , وكانت مهمة آزاد تسجيل الوقت الذي تستغرقه الطائرة في الوقوف على
هذا الغنكر ، وقد اكتشف أن زمن التسجيل أقل كثيراً ، ودائماً من زمن
الوقوف ، فأعلم مدير المطار الذي طلب منه عدم التدخل فيما لا يعنيه , فأعلم
نقابته ، وشكّلت لجان تحقيق وتدقيق ، وضُغط كثيراً على آزاد ، حتى إنهم
احتجزوه في غرفة صغيرة لساعات ، وأرغموه على خلع ملابسه بحجة أنهم سيلبسونه
بزة مطافئ ، لكنه استمر منتظراً بثيابه الداخلية لنحو ثلاثة أرباع الساعة !
والمكافأة التي حصل عليها آزاد هي فصله من عمله ! هذا هو آزاد وما قام به
باختصار شديد !
لذلك مطلوب موقف حكومي إيجابي منه حتى يشجع الآخرين على كشف أية حالات فساد
تمر عليهم ، لا أن يضطروا إلى السكوت خوفاً من النتائج التي يمكن أن يكون
حرمانهم من اللقمة أقلها ! ..آزاد عثمان نحن معك ، ولعل قضيتك يجب أن تكون
قضية رأي عام ، لأنك واحد من مئات ، أو ربما الآلاف الذين لاقوا مصيرك ذاته
، وثق بأن كل من يحارب الفساد ، أو لديه نية جادة وجدية بمحاربته، سيكون
معك !
لك تحياتنا .. وربما تجد قضيتك الأذن المصغية التي تحتاجها لتعود إلى عملك ،
ويعود إلى عمله كل من ظلموه لأنه اكتشف حالات فساد ، لنتأكد أن ثمة نوايا
جادة لمحاربة الفساد وتتجاوز التصريحات !
ومقابل قضية آزاد نسأل .. ماذا حصل لمن اكتشفهم ، ولمن أدانتهم الوقائع ؟!
.. لسنا ندري ! .. لكن الذي ندريه أنه شّكّلت لجنة تحقيق فنية ومالية من
الطيران المدني مهمتها التدقيق والدراسة ، ووصلت إلى نتائج تؤكد حالات فساد
!
مع ذلك شكّلت لجنة أخرى للتحقيق في ذات الموضوع اجتمعت بكامل أعضائها لمرة
واحدة ، ثم أوكلت الأمر إلى اثنين فقط من هؤلاء الأعضاء للقيام بالمهمة !
ماذا يعني ؟! ..لن نجتهد! فالأمر واضح وضوح الشمس ، نوايا لتمييع التحقيق
والوصول إلى نتائج تناقض ما وصلت إليه اللجنة الأولى من وقائع ! .. وقيل
الكثير في عملها وفي الممارسات والتدخلات في عملها ، والأهم أن نتائج عملها
لم تظهر حتى الآن !
لذلك نتوقع البراءة لجميع من حامت حولهم الشبهات , ونتوقع أيضاً محاولة
استصدار قرار حكومي بمنع تشغيل آزاد في أية مؤسسة حكومية لأنه ( الفاسد
الوحيد ) ! ولأنه ( يسيء إلى إدارات تخدم الوطن وتتفانى في خدمته ) ..
آزاد لك احترامنا ، وأمنياتنا مرة أخرى أن تجد من يساعدك في العودة إلى
عملك ، أو أي عمل آخر ، كما نتمنى ونأمل بإنصاف أولئك الذين اكتشفوا حالة
فساد ثم ظُلموا ( بضم الظاء ) وهم كثيرون ! .. أم أننا نحلم ؟! إننا نحلم
غالباً !