هل من قبيل المصادفة أن يتواجد ما يقرب من نصف نجوم الفن السوري خارج البلد في هذه الفترة المفصلية من حياة سورية والسوريين، ويتوزعون بين مغارب الأرض ومعاربها؟…وهل من قبيل المصادفة نفسها أن يتخذ بعض المنتجين قرارات يوافقهم عليها المخرجون والفنانون أيضا، بتصوير مسلسلاتهم ، للعام الحالي تحديدا، في بلاد أخرى غير سورية؟!!…
على بعد أقل من شهرين على بدء الموسم الرمضاني والذي يعتبر بحق، لدى السوريين (شبه أجمع)، بأنه موسم التقرب من الدراما والكوميديا والفنتازيا، أكثر من التقرب من الله نفسه، لا يعثر على عدد كبير من الممثلين من فئة الصف الأول موجودين في سورية. وفي هذا سؤال يطرح نفسه: هل الدراما السورية دراما سوريّةٌ بحق؟.. وهل النجم السوري الذي صنع هنا في سورية هو ناطق باسم البلد بحق؟..وكيف سنعتبر مسلسلا سوريا كاتبه سوري ومخرجه سوري ومنتجه سوري ونجومه سوريون أيضا، مسلسلا سوريا، إذا كان هذا المسلسل، في أوقات التصدع في الداخل، قد هرب ليصوَّر في الخارج بعيدا عن أعين السوريين، ومنبطحا في بلدان عربية حكوماتها تحارب البلد، وشركاتها تدعم الإنتاج السوري لكن بشروط أقلّها الوفاء لحكومات تلك الدول؟…
أكثر من مسلسل يتم تصويره في الوقت الحالي خارج سورية، في بلاد لا يتوفر فيها أدنى مقوم من مقومات قيام دراما، فلا الأجواء والطبيعة هناك تساعدان على الفن، ولا المواطن هناك بقادر على فك حرفين يشكلان كلمة “فن” ليساعد في عمليات فنية مهمة مثل الكومبارس على الأقل، فضلا عن غياب تواصل الفكرة المكتوبة في النص مع بيئتها الحقيقية.
السقوط الفني اليوم هو سقوط للوطنية من أفئدة من كان يفترض بهم أن يكونوا وطنيين، وادعاء أن الخطط والبرامج وضعت ليكون التصوير هناك، هو محض كذب وافتراء، وإلا فليكذّبوا الكتّاب الذين ألّفوا النصوص ووضعوا السيناريوهات والحوارات لتكون محاكية للواقع السوري ليس إلا…
ولا يسعنا هنا إلا أن نحيي كل فنان بقي في البلد برغم الصخب والضجيج الحاصلين، وأكثر من ذلك، نحيي كل فنان توفرت له فرصة المغادرة إلى بلدان النفط” الفنية” !! ولم يذهب، وهم وإن قل عددهم اليوم، إلا أنهم كثر بعيون المراقب للشغوفين بالوطن، ذلك أن الواحد في حالات كهذه يساوي قيمةً ، وحتى عددا، عشرة أمثاله في ظروف أخرى كالتي كنا نعيشها أيام الكذب الوطني رفيع المستوى، قبل الأزمة بالطبع.