في خطوة متوقعة لتفويت الفرصة على المخطط الخليجي لضرب الليرة السورية، كشف مصدر في مصرف سورية المركزي أن المصرف على وشك طرح عملة نقدية جديدة في الأسواق وسحب ما هو متداول منها. وأكد المصدر أن طباعة العملة الجديدة انتهى عملياً، مشيراً إلى أن طباعتها جرت في إحدى الدول غير الأوربية، رافضاً الإفصاح عن المكان. كما أكد في الآن نفسه على أن استبدال الأوراق النقدية سارية المفعول حالياً سيقتصرعلى المتداول منها داخل السوق السورية فقط، الأمر الذي سيجعل الكتلة النقدية السورية المخزنة في الأسواق المجاورة ودول الخليج بلا أي قيمة.
وقال المصدر: إن السعودية وقطر، وفي إطار حربهما "السرية" على الاقتصاد السوري، باعتبارها الوسيلة الأكثر فتكاً من السلاح بالقاعدة الاجتماعية للنظام، قامتا خلال الأشهر الأخيرة بحملة واسعة لجمع كميات هائلة من العملة السورية من الأسواق المجاورة، ولاسيما لبنان والأردن وتركيا والعراق، فضلاً عما هو مخزون لديهما منها في الأصل ولدى باقي دول الخليج، من أجل المضاربة "الخارجية" على الليرة السورية إلى جانب عمليات المضاربة الداخلية. وهو ما أدى إلى فقدان الليرة أكثر من نصف قيمتها بقليل خلال السنة الأخيرة، وارتفاع الأسعار على نحو جنوني، علماً بأن قيمة الدولار عادت وهبطت نهاية الأسبوع الماضي من 103 ليرات إلى 81 ليرة خلال أقل من 24 ساعة لمجرد أن أعلن حاكم المصرف عن نيته التدخل في سوق الصرف، ودون أن يحصل تدخل فعلي من هذا النوع. وهو ما يعني أن ارتفاع سعر الدولار على هذا النحو لم يكن له أي مبرر اقتصادي أو مالي منطقي، بل نتيجة لحرب مافيات المضاربة المدعومة من دول الخليج عبر قنوات أخطبوطية، مع الإشارة إلى أن أجهزة المخابرات شنت حملة اعتقالات في صفوف المضاربين "تبين أن الحيتان الكبيرة منها تنفذ أجندة جرى الاتفاق عليها مع بعض رجال الأعمال السوريين المقيمين في الخليج والمرتبطين بمجلس اسطنبول"، على حد تعبيره. وكان "المجلس" و"التنسيقيات" المرتبطة به قادا حملة إعلامية- دعائية تدعو المواطنين إلى حرق ما لديهم من أموال بالليرة السورية و/ أو المسارعة إلى سحب مدخراتهم من البنوك وشراء الدولار بها بهدف المضاربة ودفع قيمة الليرة إلى أقصى مدى ممكن من الانهيار.
على الصعيد نفسه، كشف المصدر أن المصرف المركزي سيعطي مهلة ثلاثة أيام فقط للمواطنين السوريين لتبديل ما لديهم من العملة السورية المتداولة بالعملة الجديدة، شريطة أن يقل المبلغ عن عشرة آلاف ليرة، وكل ما يزيد عن هذا المبلغ سيكون بحاجة لموافقة أمنية خاصة.
وعن فائدة هذه التدابير، قال البروفيسور جون هاردمان، أستاذ الاقتصاد والنظرية الاقتصادية في كلية لندن للاقتصاد: إن من شأن هذا الإجراء، ولاسيما حصر عملية استبدال العملة بالمتداول منها، أن يؤدي إلى "خفض قيمة الدولار على نحو سريع في السوق بنسبة قد تصل إلى 25 بالمئة، وتمكين السلطات النقدية السورية من وضع تقدير دقيق لحجم الكتلة النقدية المتداولة في السوقين الداخلية والخارجية، وتحويل الكتلة النقدية المكتنزة بالليرة السورية خارج سورية، والتي تستخدم في عمليات المضاربة لأسباب سياسية، إلى كتلة عديمة القيمة والجدوى في المضاربة". وأضاف: إن تقديرات الجهات البريطانية المعنية تشير إلى أن السعودية "جمعت خلال الأشهر الأخيرة من العملة السورية ما يوازي الكتلة المتداولة في سورية تقريباً، وهو أمر خرافي لا يمكن أن يحصل في الحالة الطبيعية ودون وجود غرض سياسي مبيت!!.