رد وتعقيب حول (ترقية موظف في مديرية مالية حلب رغم اعترافه بتقاضي رشوة !)
محمد الشيخ
اعداد سامرآغا
نشرت صحيفة الجماهير مؤخراً خبراً على الصفحة الأولى تحت عنوان ( رغم اعترافه في تقرير تفتيشي بتقاضي رشوة .. ترقية موظف في مديرية المالية ! ) جاء فيه أن السيد وزير المالية أصدر القرار /1026/ تاريخ 2/6/2011 وبناء على اقتراح مديرية المالية رقم 116 تاريخ 15/5/2011 بنقل /م.ع.ف/ العامل من الفئة الأولى بقسم الخزينة من وظيفة دارس بدائرة واردات ونفقات الموازنة إلى وظيفة رئيس الشعبة الإدارية بالقسم , وذلك رغم وجود عدة تقارير تفتيشية بحقه لارتكابه عدة مخالفات وتجاوزات إحداها ثبوت تقاضيه رشوة !.
وتم عرض الوثائق التي تثبت تورط المذكور بتلك التجاوزات , وتقديم تساؤل يقول : هل خلت المديرية ممن هو نزيه وكفوء وذو سمعة حسنة حتى يقع الاختيار على ذلك الموظف الذي ( تذخر ) إضبارته بالعديد من المخالفات والتجاوزات ؟!!.
وقد جاءنا رد من السيد عبد الوهاب طفي مدير مالية حلب حول هذا الموضوع ننشره كاملاً ويليه تعقيب للمحرر :
رد مدير المالية
ورد في العدد /13392/ تاريخ 3/8/2011 في جريدتكم الموقرة مقال للصحفي السيد (محمد الشيخ) في الصفحة الأولى والتتمة في الصفحة السابعة تحت عنوان ترقية موظف في مديرية المالية .
وبداية كنا نتمنى من السيد الصحفي أن يتحرى عن الموضوع بدقة أكثر قبل نشره في وسيلة إعلانية مقروءة لأنه (ليس هكذا ترد الإبل) وخاصة في ظل ما هو متوقع من حرية الإعلام ومحاربة الفساد تحت سقف الوطن وتحت قيادة السيد الرئيس الدكتور بشار الأسد ..
نبين أن العامل المذكور في المقال كان موكلاً إليه مهمة محاسب إدارة وهو من العمال النشيطين والمتمكنين من عملهم إلا أنه ارتكب خطأً وجل من لا يخطئ فتمت محاسبته (محاكمته) من قبل الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش باستبعاده عن عمل محاسب إدارة لمدة ثلاث سنوات بدءاً من عام /2008/ وبالتالي بعد أن انتهت فترة العقوبة المفروضة بحقه كان من حق العامل أن يطالب بالعودة إلى عمله السابق (محاسب إدارة) .
وما أدراك ما هي مزايا محاسب الإدارة :
يرأس الدائرة المالية في الدائرة المفرز إليها عدا المكتب والسيارة وغيرهما من المزايا ..
إلا أن الإدارة لم تقم بإعادته إلى العمل السابق بل أوكلت إليه عمل رئيس الشعبة الإدارية في قسم الخزينة والتي من مهامها مسك دفاتر الدوام (مراقب دوام) والتي لا يرضى بهذه المهمة أي عامل من الفئة الأولى .
إلا أن العامل أجاب بعد أن طلب منه أن يوكل له هذا العمل بأنه موظف ويعمل في أي مكان تطلب منه الإدارة .
وفعلاً تم مسك دفاتر الدوام من قبله وأصبح يراقب دخول وخروج العاملين ، نقول العاملين وليس المراجعين لأنه ليس له علاقة بهم .
إلا أن هناك بعض العاملين الانتهازيين والمتسيبين بدؤوا بالتذمر من الوضع الجديد من مراقبة ساعة دخولهم وخروجهم من العمل ظناً منهم أن الفساد هو فتح سجلات قديمة عن هذا العامل وأن الفساد فقط من يقبض مبلغ مقابل منفعة وكأنه ليس من الفساد أن يقبض موظف راتباً وتعويضات جيدة يحسده الآخرون عليها ولا يؤدي أي خدمة للوطن مقابل هذا الأجر أو أن ينتهز الفرصة ليهرب من الدوام الوظيفي ليقوم بتأدية عمل آخر في القطاع الخاص أثناء ما يفترض به أن يكون في عمله الوظيفي الحكومي أو أن تذهب الموظفة إلى بيتها كي لا تقصر بواجباتها المنزلية وذلك أثناء فترة الدوام عجباً أن ينظر الإنسان هكذا فقط إلى مصلحته وأنانيته ولا ينظر إلى وطنه وإلى مخالفته للقوانين والأنظمة ويكيل الاتهامات دون وجه حق وعلى سبيل المثال: يوجد في مالية حلب بحدود /2000/ عامل فإذا أهدر كل عامل ساعة عمل بأي شكل من الأشكال يعني /2000/ ساعة عمل مما يعادل /285/ يوم عمل تراكمي هذا يومياً فكيف إذا كان على مستوى شهر أو عام وهذا لدائرة واحدة من دوائر الدولة وعليكم التقدير .
وأخيراً نقول إن هذه ليست ترقية بل ضمناً هي عقوبة للعامل أن ينزل من مرتبة محاسب إدارة (مدير مالي في القطاع العام الاقتصادي أو رئيس الدائرة المالية في القطاع العام الإداري) إلى وظيفة مسك دفاتر دوام العاملين والتنسيق مع مكتب الاستعلام في المديرية لتنظيم دخول وخروج العاملين في قسم الخزينة كما ورد في القرار الوزاري رقم 3391/و تاريخ 24/10/2010
وأخيراً نرجو منكم أن تعيدوا النظر في المقال وتتحروا عن الحقيقة قبل الخوض بها وكلنا أمل أن تكونوا منصفين وعوناً على إحقاق الحق وتوعية الناس على معنى الالتزام والانضباط بالعمل وترسيخ تلك القيم في نفوسهم .
تعقيب المحرر
بداية نقول إننا وسيلة إعلامية وليس إعلانية كما جاء في الرد مما يطرح التساؤل فيماإذا كان ذلك خطأ غير مقصود وقع سهواً , أم أن ( غرفة العمليات ) في المديرية التي دبجت هذا الرد لا تعرف الفرق بين الوسيلتين الذي هو كبير وشاسع , أوأنها تقصدت ذلك عمداً في محاولة ربما للاستخفاف بالصحيفة عندها نقول إن أقرب مثال على أننا وسيلة إعلامية تمارس دورها المهني وتضطلع برسالتها الوطنية هو نشرنا لخبر ( ترقية ذلك الموظف ) وتعقيبنا على الرد .
وبالنسبة للطلب من الصحفي أن يتحرى عن الحقيقة وأن يكون منصفاً أقول إن هذه الدعوة تكون في محلها فيما لو قمت بالتجني وسوق الاتهامات الباطلة وتقديم وثائق مزورة لا أساس لها من الصحة لكن هذا الأمر لم يحصل فكل ما أوردته موثق بدقة لدرجة أن الرد نفسه لم يشكك بصحة هذه الوثائق الصادرة عن جهات مختصة محلية ومركزية .
حول دور الإعلام ومحاربة الفساد والإشارة من قبل المدير بأن نشر هذا الخبر وكأنه يصب على الطرف النقيض مما هو مطلوب من الإعلام في المرحلة الراهنة ومن عملية مكافحة الفساد أود لفت نظر مدير المالية إلى أن موضوع مكافحة الفساد يحظى باهتمام ومتابعة القيادة وعلى رأسها السيد الرئيس بشار الأسد حيث لا يكاد يخلو خطاب أو كلمة توجيهية لسيادته من الحديث عن هذا الموضوع كان آخرها ما ورد في خطابه في جامعة دمشق حيث جاء فيه ( الفساد هو النتيجة لانحدار الأخلاق وتفشي المحسوبيات وغياب المؤسسات والتي بغيابها يغيب الضامن والحامي للحالة الوطنية لتحل محلها الانتماءات الضيقة .. , لابد من العمل فوراً لتعزيز المؤسسات بالتشريعات المتطورة وبالمسؤولين الذين يحملون المسؤولية بدلاً من أن يحملهم المنصب أو الكرسي ... النزاهة والمساواة والعدالة والشفافية هي عناوين المستقبل الذي ننشده لبلادنا ... , الإعلام يلعب دوراً مركزياً في استئصال آفة الفساد وهو سيكون عين وصوت المواطن ... ) .
لذلك فإن قيامنا بنشر ذلك الخبر هو بمثابة خطوة بسيطة ومتواضعة على طريق ترجمة وتنفيذ هذه التوجيهات وليس العكس .
وبشأن ما ورد في الرد من إشارة إلى أن العامل نشيط ومتمكن من عمله وأنه ارتكب خطأ وجل من لا يخطئ ... نتساءل إذا كانت المديرية لديها هذه الطريقة من ( الصفح والعفو ... ) تجاه المخطئين والمتجاوزين الذين يحظون بترقيات فإنه في هذه الحالة ربما يوجد عاملون آخرون لقوا نفس المعاملة من قبلها من ناحية تسليمهم مواقع مهمة رغم وجود مخالفات في أضابيرهم وسجلاتهم فهل بذلك تكافح المديرية الفساد ؟!! علماً أن تقييم أداء العاملين يجب ألا يتم بشكل مزاجي واعتباطي بل من خلال مدى الالتزام بالقوانين والأنظمة وعدم مخالفتها والتقيد بقواعد وسياسات وإجراءات العمل وهذا ما جاء في المرسوم رقم/322/ الذي حدد مبادئ عملية تقييم الأداء والتي من أولى أهدافها استخدام نتائج تقييم الأداء أساساً في اتخاذ قرارات الترقية والترفيع والنقل والتسريح وإنهاء التعاقد ووضع كل عامل في العمل الذي يتناسب مع قدراته ومؤهلاته وأدائه. وفيما يخص ما جاء في الرد بأن المهمة التي أوكلت لذلك العامل لا يرضى بها أي عامل من الفئة الأولى نقول إن ذلك يوحي بأن المدير قد قام بعرض استلام هذه المهمة على أكثر من عامل إلا أنهم رفضوا وهذا لم يحصل حيث علمنا أن عدة عاملين من الفئة الأولى فوجئوا باتخاذ قرار تكليف ذلك العامل بالمهمة التي لها احتكاك مع /200/ عامل وكأنه دبر بليل وبسرية كاملة كما يقال وهم أعربوا عن استعدادهم لاستلام تلك المهمة فيما لو كانت قد عرضت عليهم مع العلم أنهم من ذوي الكفاءة والسمعة الحسنة والسجلات النظيفة ولا توجد بحقهم أية عقوبة.
وحول حديث السيد مدير المالية عن وجود عاملين انتهازيين ومتسيبين يهربون من الدوام في المديرية ويتقاضون أجوراً وتعويضات دون أن يقوموا بأداء المهام الموكلة إليهم وهم بدؤوا بالتذمر من قيام ذلك العامل حسب مهمته الجديدة بمراقبة ساعة دخولهم وخروجهم من العمل نقول إننا مع اتخاذ كل الإجراءات والعقوبات الصارمة بحق كل عامل مقصر ومهمل ومسيء وفي نفس الوقت نتساءل كم من الوقت مضى على هؤلاء الانتهازيين والمتسيبين.. سنة ... سنتان.. 5 سنوات .. حتى بدأ السيد المدير من خلال تعيين ذلك العامل بوضع حد لتصرفاتهم وإهمالهم؟! ومن المسؤول عن حدوث ذلك الإهمال والتسيب خلال الفترة الماضية هل رئيس الشعبة السابق الذي تم نقله لوظيفة رئيس شعبة الحسابات والتدقيق في قسم الخزينة فإن كان مسؤولاً عن ذلك الإهمال لماذا لم تتم معاقبته ومحاسبته بدل ترقيته هو الآخر ؟!.
هل المسؤول هم رؤساء الدوائر في القسم الذين كانت بحوزتهم سجلات الدوام وماهي الإجراءات المتخذة بحقهم في حال ثبوت تقصيرهم ؟!
كما كنت أتمنى على السيد مدير المالية لو أنه مضى أكثر في ( صراحته ) من حيث اعترافه بوجود عاملين متسيبين ... , بأن يتحدث عن وجود عاملين في المديرية يظهر عليهم الثراء وربما الفاحش أحياناً بعد فترة قصيرة فقط من مزاولتهم لعملهم وبالتأكيد أن السماء لا تمطر ذهباً ولا فضة ؟! كما يتحدث عن هدر المال العام وتأخر وسوء تنفيذ أعمال ترميم مبنى المديرية الأمر الذي يخلق تذمراً وامتعاضاً ومعاناة كبيرة للمراجعين ولمعظم العاملين؟!...
وفي هذا الشأن ألفت النظر بأنه توجد بلا شك أمثلة عديدة في الجهات العامة عن وجود عاملين يشغلون أماكن حساسة ومهمة رغم ( غنى ) أضابيرهم وسجلاتهم بمختلف أنواع المخالفات من إهمال , تقصير , رشوة .. الخ .
في الختام أود الإشارة إلى أننا نعيش حالياً في سورية مرحلة حساسة تتطلب من كل محب وغيور ومخلص لهذا الوطن أن يتحلى بالجرأة والشجاعة بالإشارة والاعتراف بالأخطاء وعدم تجميلها والتستر عليها وعدم اتباع طريقة وضع الرأس بالرمل كما تفعل النعامة , فمحبتنا لوطننا الذي ننعم بخيراته الوفيرة تتطلب منا جهوداً كبيرة لإعلاء صروح الإنجازات والإيجابيات ولمكافحة الفساد وتلافي الأخطاء والتجاوزات بما يسهم في تعزيز منعته وحصانته في وجه سائر التحديات والمؤامرات التي تستهدفه في أرضه وشعبه ومكانته ودوره الوطني والقومي والإنساني .