كتب المحامي هشام عبد الرزاق
افتخر...
عندما ذهبت أليسار إلى تونس, و أليسار هي ابنة لعائلة ارستقراطية في صيدا الفينيقية ، استطاعت بدهائها الفينيقي أن تقيم دولة بجلدة ثور.
في تونس بلد السياحة حالياً, ترى السواح يحجون حول مقبرة لا تتعدى مساحتها بضعة أمتار مربعة عائدة لتلك الحضارة القرطاجية .
أما في طرطوس فإن مساحة عمريت بمقابرها تفوق الـعشرة كيلومترات مربعة, نعم عشرة كيلومترات مربعة …… ( اتتخيلون ماذا نستطيع أن نعمل من اجلها على مستوى السياحة الثقافية الأثرية العالمية ) , و التي تستطيع أن ترى من خلالها و على عمق لا يتعدى الـ نصف متر تحت سطح الأرض هويتك السوريـــة و خصوصاً في المنطقــة التي اطلقت عليها وزارة السياحــة اسم (( الشريحة الخامسة )) و كما قال صديقي وعد بأن الحضارات لا تشرّح ، و التي تنوي (( الوزارة )) عرضها للاستثمار السياحي ....
لنذهب إلى إيطاليا و إلى الفاتيكان بالتحديد ، فخلال تواجدي في رحلة سياحية ثقافية مع مجموعة من الأصدقاء, محبي السياحة السوريين ، استوقفنا أحد رجال الدين يدعى " مركيزي أبونا بروو " بعد أن عرف أننا من سوريا, من خلال المرشد السياحي المرافق لنـا من دمشــــق و الذي يجيد الايطالية بطلاقة ، قال له رجل الدين " أبونا بروو" :
هل تتكرم بدعوة المجموعة السياحية السورية لزيارة " فيلا ديمالتا " … ؟ !
بعد توجهنا بالباص للفيلا المذكورة و بعد أن اطلعنا عليها من الداخل : المكتبة … الكنيسة الصغيرة … الحديقة …. الردهات … غرف النوم ….. و شروحات تنهال علينا من كل حدب و صوب و ترحيب وضيافة و عناق …..
عوملنا معاملة القديسين .
كما شرح لنا عن " أبولودورو دمشياني" ( المهندس الدمشقي الأصل ) الذي له الفضل الكبير في إعمار روما و تركيب أقفال قِبَبِ كنائسها و رصف شوارعها .
نعم …. نعم …. و بعد
شرح لنا عن صناعة الزجاج و كيف أن السوريين الحلبيين هم من جاء بها إلى إيطاليا,
و كأن إيطاليا قد بنيت على يد السوريين؟! .
بعد انتهاء الزيارة قال لنا المرشد السياحي ( مازن الزين ) :
- أتعلمون أن أحداً لا يدخل هذه الفيلا و التي كانت المستراح للسفراء الأجانب القادمين إلى الفاتيكان؟! .
- أتعلمون أن الألمان قد هددوا بقطع العلاقات (( بتهكم )) بسبب عدم السماح لهم بالدخول إلى الفيلا على الرغم من أنهم هم بناتها؟!
- أتعلمون أن" أبونا بروو" ذهب إلى سوريا و عشق الشعب السوري و أَمَلَ زيارتها عدة مرات ؟!
لنعد إلى عمريت, ففي مدينة بورنموث الساحلية الانكليزية سألتني إحدى المعلمات في المدرسة : ماذا تعرف عن عمريت الفينيقية؟ فقلت لها ما أحفظه للأستاذ نسيب صليبي, من كتاب صغير وجدته في مكتبة جدي و بعض الدراسات النادرة الموجودة في بعض اعداد الحوليات الأثرية السورية للأستاذ حسن كمال و الدكتور نورالدين حاطوم ، بضعة وريقات لا أكثر؟! .
فأضافت إلى معلوماتي :
- ألا تعلم بأن لديكم أول ملعب في التاريخ ، و صدرتم جميع أنواع الألعاب ؟
-ألا تعلم ما صدره أجدادك الفينيقيين من الأبجدية و الموسيقى و الأرجوان ؟
- ألا تعلم بأني أفتخر بأن أتكلم معك لأنك سوري حفيد الفينيقين وحفيد عدة حضارات أخرى؟
افتخر أيها السوري, يا ابن هذه الأرض ، افتخر بأن أجدادك صدروا كل شيء ، نعم كل شيء, أوَ تسمح بتدمير حضارتك وانتمائك، تحت بنادق الخونة........
................................