أدب العواطف
بقلم: منيرة الديلمي
مع ان الادب ليس له جنس، والمشاعر الانسانية ليس لها خريطة الا ان التقسيمات مستمرة حول ادب المرأة وادب الرجل، ولم يبق الا ان يقال عن اي حرف تخطيه امرأة إنه «كلام نسوان» مع ان تاريخ الادب العربي والآداب العالمية يحفل باسماء اديبات لا يشق لهن غبار،
وللدخول الى العالم الادبي للمرأة كانت هذه الدراسة، التي قدمها الاديب والناقد المصري محمود فوزي تحت عنوان «ادب الاظافر الطويلة» ووضعت تحت مجهر النقد الادبي ابداعات ستين كاتبة عربية في المواجهة.
من «الخربشة» الى دفء العواطف:
ولان الادب دون جنس ينتمي إليه، ولانه يجتاز حدود الاقليمية الفكرية فقد قدم الكاتب ابداعات اديبات عربيات ينتمين الى بلدان متعددة ابتداء من مي زيادة وحتى نعمات البحيري، مروراً بالرائدات وجيل الوسط وحتى كاتبات الجيل المعاصر الذي يملأ ساحة الكتابة والقصة والمسرح ابداعاً وضجيجاً!.
يقول المؤلف محمود فوزي: تطور التعبير عن المرأة تطوراً كبيراً ومع ازدياد عدد الاديبات العربيات الشهيرات بدأ سؤال يطرح نفسه، وامامه علامة استفهام كبيرة «هل لدينا ادب نسائي»
والحقيقة ان هذا السؤال يقوم على غير فهم صحيح لطبيعة الادب من ناحية، وعلى تأثر واضح بوضع المرأة القديم في المجتمع فالادب من حيث مقوماته الفنية لا يمكن ان يختلف عند الرجل او المرأة، ولا يمكن ان نسمي غير الادب ادباً لمجرد ان كاتبه امرأة او رجل
ويقول الكاتب: شاعت ـ خطأ ـ مقولة «الادب النسائي» رغم ان الكبار لا يحبذون هذا التعبير، فالعقاد يرى ان الانوثة من حيث هي انوثة ليست معبرة عن عواطف المرأة بل هي ادنى الى كتمان العاطفة واخفائها،
فاين اذن الخاصية التي تجعلنا نحدد ان ادباً ما هو ادب نسائي؟.. ويدلل الكاتب على تفوق رجال كتبوا وعبروا عن احاسيس المرأة وكانوا اكثر جرأة وحساسية من حواء ذاتها، والنماذج متعددة اعمال إحسان عبدالقدوس، ومدام بوفاري لـ«فلوبير» واندرماك لـ«راسين» والأم شجاعة لـ«بريخت» وغيرها.
ما احلى الرجوع
ويقول الكاتب محمود فوزي: المرأة العربية بشكل عام تحاول ان تثور على الرجل ثم تعود اليه لكي تحتمي به، تحاول ان تسقط تمثال المهيب، ثم يتبين لها فراغ العالم من حولها، فتبحث عنه ثانية، ورغم ذلك عبرت الكاتبة العربية سواء في القصة او الرواية في شتى اصقاع الوطن العربي عن معاناتها،
ظهر ذلك في ابداعات مي زيادة وامنية السعيد، وكوليت خوري، وعائشة ابو النور، ولطيفة الزيات، وفتحية العسال، وسلوى الرافعي وغيرهن، وارتفعت اصوات نسائية عديدة انتجت ما يعرف بادب الرفض،
ومن اكثر هذه الاصوات تميزاً الاديبة المغربية جنانة بنونة التي تقول :(ما افظع ان اكون انثى بين قوم لم تتحد قيمهم لكأنني اريد ان اختصر كل النساء في و احدة لاحطم فيها ظلم العصور»
وتلخص ليلى بعلبكي وظيفة المرأة العربية في روايتها (أنا أحيا).. في عبارة واحدة تقول ام لابنتها وقد كشفت فيها وظيفتها الحقيقية: (انت مثلي، مهمتك الوحيدة ان تلتقي بالرجل، وان تهدهدي سرير الطفل».
عندما تكتب سيدة تحت تهديد السلاح!
ويقول المؤلف محمود فوزي يخطئ من يظن ان الكتابة عند الاديبات كلهن مجرد ترف ففي بعض الاحايين تكون ضرورية جداً جداً، واحياناً تتم تحت تهديد السلاح!
فالكاتبة أليفة رفعت كان لابد ان تكتب، حتى عندما ارغمها زوجها ضابط البوليس برتبة اللواء على عدم الكتابة، وقال لها «الامتناع عن الكتابة او مغادرة البيت» هنا استشارت الاديبة احسان عبدالقدوس والورداني وغيرهما فقالوا لها : لا الكتابة لكن دافع الامومة جعلها تحافظ على بيتها، وتقنع زوجها بانها اقلعت ظاهرياً عن تعاطي الادب، وانتابتها حالة نفسية فسمح لها زوجها بعد سنوات بكتابة الادب ونشره باسمها الحقيقي.. وكانت المفاجأة ترجمة اعمالها الى عدة لغات، وصدور قصص لها في لندن باسم «منظر بعيد لمئذنة» مترجما الى الانجليزية.
..............