تبوأت بلدة شقا الاثرية في السويداء مكانة متميزة خلال القرنين الثاني والثالث الميلاديين حيث اطلق عليها الرومان حسب مفهوم ذلك
العصر اسم الامبراطور مكسيم فأصبح اسمها ماكسيميان بوليس أي مدينة مكسيميان وبهذا التقدير ترقت إلى مدينة وكان لها شأن أيضاً في
القرون اللاحقة كما تعتبر إحدى أهم المناطق الأثرية في المحافظة إلى جانب شهبا وقنوات والسويداء .
وقال المهندس وسيم الشعراني رئيس دائرة آثار السويداء إن أهم الأثار المتبقية في بلدة شقا شمال شرق مدينة السويداء بحوالي 27 كم
الاثار الكليبة التي بنيت نهاية القرن الثالث الميلادي و لم يبق منها سوى جزء من المدخل الرئيسي المتجه شمالاً والذي يحتوي على قوس
المدخل وعلى يمينه محرابان مستطيلان بنهايات قوسية فوق بعضهما البعض و تشبه كليبة الهيات وهي نوع من أماكن العبادة لا نجده إلا
في الجزء الشمالي من المحافظة.
وتبرز في شقا أيضاً القيصرية التي يعود بناؤءها إلى منتصف القرن الثالث قبل الميلاد حيث كانت مقراً إدارياً يسكنها الحاكم الإداري
ووظيفتها كوظيفة السرايا وتتألف من مدخل في الواجهة الشرقية فيه ممر رئيسي بالوسط وعلى جانبيه ممران آخران صغيران ينفتح على
قاعة استقبال رئيسية كبيرة هامة تسقفها قبة وتزين حيطانها محاريب و حوامل حجرية لعرض التماثيل الهامة.
وفي العصر البيزنطي أضيفت إلى قاعة الاستقبال قاعة جديدة خلفها وإلى الجنوب منها توجد القاعة الأكبر والأطول التي تشكل امتداداً
لجدار القاعة الرئيسية وقد نقش في ساكف بابها رمز الصليب وسقفها محمول على عشر قناطر وتحت الجزء الشرقي منها قبو وفي وسط
جدارها الجنوبي محراب ونافذة كما نشاهد إلى اليمين من القاعة الرئيسية قاعة أخرى عادية بسيطة مدخلها في الواجهة الشرقية ونقش في
ساكفه النسر الذي نجده منقوشاً في سواكف الشبابيك باسطاً جناحيه .
وأوضح الباحث حسن حاطوم أن شقا تعد من المدن الأثرية الخمس الهامة في المحافظة شكلت بآثارها خطاً دفاعياً عند الرمان وامتازت
خلال العصور اليونانية والنبطية والرومانية والبيزنطية والعربية الإسلامية كمركز إداري واقتصادي وعسكري وديني هام وأطلق عليها منذ
العصر اليوناني اسم "سكايا" مبيناً أن اسمها ورد ضمن محاضر مجمع خلقيدونيا الكنسي عام 451 ميلادي باسم مكسيميانوبوليس
وكذلك ضمن الوثائق اليونانية .
وتحوي القيصرية الكنيسة الكبرى البازيليكا المزينة بالمحاريب الجميلة التي نقشت فيها زخارف هندسية جميلة وهي مربعة الشكل تقريباً
ومقسمة إلى ثلاث شقق تدل عناصرها المعمارية على أنها أقيمت على أنقاض معبد أقدم خلال الفترة من نهاية القرن الثاني أومطلع القرن
الثالث.
وبين حاطوم أن شقا كانت تحتوي مسرحاً أثرياً آثاره مختفية داخل البلدة القديمة التي نرى ضمنها بيوتاً أثرية جميلة رغم اختفاء طوابقها
السفلى وهي تتشابه في هيكلها ووظائفها مع بيوت القرى المجاورة في المنطقة.
ويقع في الطرف الشرقي لبلدة شقا الدير الذي لم يبق منه سوى برج من القرن الخامس وهو بحالة جيدة نسبياً حيث يشاهد الزائر في
الطابق الأرضي الكنيسة وغرف السكن وفي الطابق العلوي حجرات لها وظائف عدة ويعتبر المبنى الأكثر شهرة من كل مباني الأديرة في
المنطقة والدخول إليه كان يتم من الجهة الغربية واجهته الرئيسية المكونة من باب رئيسي كبير في الوسط وبابين صغيرين جانبيين يتم
الدخول إليهما عبر رواق مسقوف متصل إلى حجرة حارس الدير ثم المكتبة وخزائنها ضمن الجدار وباحة داخلية ثم قاعة اجتماعات كبيرة
وأقواس وساكف حنت نقش فوقه رمز للسيد المسيح.
أما المدافن فتضم المثمن في الجنوب الشرقي من القرية والمدفن الواقع في الشمال الغربي منه ومعظمها تحت الأرض بنيت بالحجارة وفق
أسلوب عصرها وهي أسرية أي يتبع كل مدفن لأسرة وقد راعى أصحابها الناحية الصحية فشيدوها تحت الأرض على عمق يمنع انبعاث
الروائح نسبياً من المدافن.
بدوره أشار الباحث الدكتورعلي أبو عساف إلى أن شقا تحوي نقوشاً كتابية يونانية اهتم بها الباحثون تفيد في الحصول على معلومات هامة
منها اعتناء القياصرة بهذه المدينة ففي نقش ذكر أن القيصر أورليان أمر بترميم قوس النصر في شقا التي أولاها اهتمامه الخاص و تكريم
المستحقين حيث يفيد نص آخر أن أهل شقا قد كرموا الإداريين مثل القنصل والوالي لأنهم أدوا خدمات جليلة للمنطقة كما ورد في عدة
نصوص أسماء غرباء عن شقا سكنوها وسكنوا المنطقة مثل اميلييه وهي سيدة من البتراء إلى جانب اسم الوالي الإسكندر كما يخبرنا نص
هام عن انتشار المسيحية في شقا بداية العهد الروماني إضافة إلى نقوش أخرى حول الوجود العسكري.
من جهته دعا سعدو السيد رئيس بلدية شقا إلى العمل على ادراج البلده الاثرية على لائحة التراث الوطني والتنسيق مع مديرية الآثار
لترميم بعض مواقعها .