أجزاء من طرابلس تحت سيطرة المناهضين للقذافي
قال محتجون ليبيون إنهم بسطوا سيطرتهم على مدينة مصراتة الواقعة غربي البلاد. وجرت مواجهات عنيفة بين أنصار القذافي ومعارضيه في مدن مصراتة وزوارة والزاوية القريبة من طرابلس، ما أدى إلى سقوط قتلى.
قال شاهد عيان من طرابس إن أجزاء من المدينة وقعت تحت سيطرة المناهضين لنظام الزعيم معمر القذافي.
وأضاف الشاهد أن مؤيدي القذافي والجيش يسيطرون على المناطق القريبة من باب العزيزية ، وأن الخروج من المنزل في طرابلس في غاية الخطورة.
القذافي يهدد بتسليح القبائل
وكان الزعيم الليبي معمر القذافي اكد الجمعة ان الشعب الليبي "يحبه" مهددا في الوقت نفسه بتسليح القبائل لمحاربة المتظاهرين الذين يسعون الى اسقاط نظامه. وقال القذافي في كلمة امام حشد من انصاره في الساحة الخضراء بالعاصمة طرابلس "الشعب يحب معمر القذافي ويراه رمز العز والكرامة والتاريخ والتراث" مضيفا "اذا لم يكن الشعب الليبي يحبني فلا استحق الحياة يوما واحدا".
من جهة اخرى هدد القذافي بتسليح القبائل لمحاربة المتظاهرين وقال "اننا وعند اللزوم سنفتح المخازن لنسلح كل القبائل الليبية وتصبح ليبيا نارا حمراء".
وقال "سنقاتلهم وسننتصر" مضيفا "سنهزم اي محاولة خارجية كما هزمنا المحاولات السابقة".
كما طلب القذافي من انصاره "الرد على العملاء وعلى الشاذين وعلى وكالات واذعات الكذب".
وتوجه القذافي الى مناصريه من منطقة تطل على الساحة الخضراء وظهر مرتديا قبعة شتوية. ورفع قبضتيه في الهواء عدة مرات قبل بدء حديثه لتحيتهم.
وتشهد ليبيا منذ 15 شباط/فبراير الحالي انتفاضة دموية غير مسبوقة ضد القذافي الذي يحكم البلاد بقبضة حديدية منذ قرابة 42 عاما سقط خلالها مئات القتلى بحسب منظمات انسانية دولية.
وفقدت السلطة المركزية السيطرة على معظم مناطق شرق ليبيا ووصلت المواجهات الجمعة الى العاصمة طرابلس.
قتلى وجرحى في طرابلس
وفي الأثناء قتل عدد من الليبيين وجرح آخرون يوم الجمعة في مواجهات ببعض أحياء العاصمة طرابلس بين مناصري العقيد معمر القذافي ومناوئيه الذين خرجوا في مظاهرات احتجاجية بعد صلاة الجمعة وجددوا مطالباتهم برحيله.
وقال شهود عيان إن شخصين على الأقل قتلا وأصيب آخرون بجروح في أحياء فشلوم وزاوية الدهماني وبن عاشور والسياحية. وأضافت المصادر سماعها إطلاق نار كثيفا حاليا في أحياء بن عاشور وفشلوم وشارع الجمهورية وسوق الجمعة في طرابلس.
وقال شاهد عيان من طرابلس يدعى نزار كعوان إنه كان في ميدان الجزائر الشهير بطرابلس حيث خرج آلاف المصلين للتظاهر والتنديد بالخطبة الموحدة التي ألقاها أئمة المساجد وكانت معدة مسبقا من قبل السلطات.
وقال في اتصال مع قناة الجزيرة إن المتظاهرين هتفوا "بالروح والدم نفديك يا بنغازي" قبل أن يفاجؤوا بإطلاق كثيف للرصاص الحي من سيارة باغتتهم، مؤكدا سقوط عدد من القتلى والجرحى. وعبر عن خشيته من ارتكاب مجزرة بسبب دخول الكتائب الأمنية للبيوت تعقبا للمحتجين.
وقال كعوان إن طرابلس كلها محاصرة وسط عمليات كر وفر بين المحتجين وقوات الأمن في شارع الزاوية تحديدا، حيث استدعيت قوات كبيرة من الكتائب والدعم المركزي. وأكد أن منطقة فشلوم مقفلة وقد سقط فيها عدد من الشهداء، مشيرا إلى أن الكتائب الأمنية ما زالت تحاول اقتحامها.
في هذه الأثناء تواترت أنباء عن انضمام قاعدة "معيتيقية" الجوية في طرابلس إلى الثوار، وأعلن التمرد فيها على القذافي. كما علمت الجزيرة بانضمام قوات من الجيش إلى المحتجين في تاجوراء المتاخمة لطرابلس وتحركهم باتجاه الساحة الخضراء أهم ميدان في العاصمة.
تصاعد المظاهرات في مدن "محررة"
وبينما تصاعدت المظاهرات في مدن "محررة" شرق البلاد، نجح المحتجون في الاحتفاظ بسيطرتهم على مدينتيْ الزاوية ومصراتة القريبتين من طرابلس، وصدوا هجمات مضادة نفذتها في الساعات الماضية القوات الموالية للقذافي.
وتواصل الكتائب الأمنية مساعيها للسيطرة على المدن المجاورة للعاصمة. وقد شنت تلك القوات هجوما الليلة الماضية على مدينة الزاوية، إلا أن سكانها تمكنوا من صده، وفق ما أفاد به شهود عيان.
وقالت مصادر للجزيرة إن المعارك أدت إلى سقوط نحو مائة قتيل، حيث جرى تبادل لإطلاق النار في شوارع المدينة، كما تم إشعال النيران في عدة مبان بينها مقر للشرطة.
ونقلت وكالة أسوشيتد برس عن شهود عيان أن عددا من الأهالي كانوا يحملون بنادق صيد للدفاع عن المحتجين، وأشاروا إلى أن المهاجمين استخدموا الرشاشات المضادة للطائرات لقصف منارة المسجد.
ومن جانبها نقلت وكالة رويترز عن شهود عيان أنه لم يعد هناك وجود لقوات الأمن الليبية داخل مدينة الزاوية.
وبث التلفزيون الليبي اتصالا هاتفيا نسبه للقذافي -وإن شكك البعض في صحة ذلك- حيث قدم المتحدث تعازيه في القتلى ووصفهم "بأبناء ليبيا"، كما دعا إلى الهدوء، واتهم زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن بتدبير الانتفاضة عليه، كما كرر اتهاماته للمحتجين بأنهم ممن يتناولون "حبوب الهلوسة".
وعلى غرار ما حدث في الزاوية الواقعة على بعد 50 كلم غرب طرابلس، شهدت مصراتة الواقعة على بعد 200 كلم شرق العاصمة نجاحا في التصدي لهجوم شنته القوات الحكومية.
الغرب يحشد ضد ليبيا
فيما تستمر موجة العنف في ليبيا، تسعى الولايات المتحدة لحشد التأييد الدولي لتحرك ينهي سفك الدماء، ويعقد الحلف الاطلسي اجتماع عاجل. فيما أعربت الامم المتحدة عن قلقها من "تكثف حملة قمع" الانتفاضة الشعبية التي قد تكون أوقعت "آلاف القتلى والجرحى".
في هذا الوقت تشن قوات موالية للزعيم الليبي معمر القذافي هجوماً مضاداً على محتجين يسيطرون على بلدات مهمة قريبة من العاصمة طرابلس.
وفيما بدأ مجلس حقوق الانسان الجمعة جلسته الخاصة المخصصة لليبيا والتي ستبت الدول الاعضاء خلالها في مسالة تعليق عضوية هذا البلد في المنظمة التابع للامم المتحدة، وفق ما أفاد صحافي وكالة فرانس برس
وأعربت المفوضة العليا لحقوق الانسان في الامم المتحدة نافي بيلاي الجمعة عن قلقها من "تكثف حملة قمع" الانتفاضة الشعبية في ليبيا التي قد تكون اوقعت "الاف القتلى والجرحى".
وتشاور الرئيس الأميركي باراك أوباما مع حلفائه حول الخطوات التي يمكن اتخاذها ضد القذافي بسبب الحملة الدامية التي يشنها على انتفاضة شعبية مناهضة لحكمه والتي أدت إلى مقتل 2000 شخص وفق التقديرات الفرنسية.
وقال البيت الأبيض إن أوباما تحدث يوم الخميس مع زعماء فرنسا وبريطانيا وإيطاليا لمناقشة "مجموعة خياراتهم" بشأن كيفية التعامل مع الأزمة في ليبيا.
وذكر أن أوباما أجرى مكالمات هاتفية مع رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون والرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ورئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو برلسكوني.
وقال البيت الأبيض عن المحادثات الهاتفية "ناقش الزعماء مجموعة الخيارات المتاحة التي تقوم الولايات المتحدة والبلدان الأوروبية بإعدادها لمحاسبة الحكومة الليبية عن أفعالها وذلك فضلا عن التخطيط لتقديم مساعدات إنسانية."
العقوبات والعمل عسكري ضمن الحلول الممكنة
ومع ارتفاع أسعار النفط الى مستويات تهدد انتعاش الاقتصاد العالمي قالت واشنطن التي وصفت يوما القذافي بأنه "كلب مسعور" إنها تبقي الباب مفتوحا أمام كل الخيارات المتاحة للتعامل مع الأزمة بما في ذلك فرض عقوبات والقيام بعمل عسكري ردا على الحملة التي تشنها الحكومة الليبية على الانتفاضة.
غير أن اتخاذ إجراء دولي منسق لمعاقبة القذافي الذي يحكم ليبيا منذ 41 عاما مازال بعيد المنال مع حرص الحكومات الأجنبية على إجلاء آلاف من مواطنيها المحصورين في غمار الفوضى والعنف.
اجتماع آخر لمجلس الأمن
وقال سفراء بمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إن المجلس يعتزم الاجتماع يوم الجمعة لتلقي مشروع قرار فرنسي بريطاني لفرض عقوبات على حكام ليبيا بسبب الهجمات المميتة على المتظاهرين هناك.
وقال دبلوماسيون غربيون يوم الخميس إنه من غير المتوقع إجراء تصويت على العناصر المقترحة لقرار عقوبات حينما يجتمع المجلس الساعة الثالثة بعد الظهر (20:00 بتوقيت غرينتش).
ومع استمرار التداعيات في الشرق الأوسط بعد الإطاحة برئيسي مصر وتونس وكانا من حلفاء الغرب تحرص الحكومات الغربية على ألا تظهر بمظهر من يفرض حلول استعمار جديد على ليبيا.
المعارضة تسيطر على عدد أكبر من المدن
وتسيطر المعارضة بالفعل على مراكز رئيسية في الشرق بينها مدينة بنغازي ثاني أكبر المدن. الى جانب أنباء عن سيطرتها على مصراتة ثالث أكبر المدن وزوارة في الغرب ليقترب مد الانتفاضة من مركز سلطة القذافي في غرب البلاد وان ظلت المعلومات الواردة من غرب ليبيا قليلة.
وفي مصراتة التي قال معارضون للقذافي انهم استولوا عليها يوم الاربعاء قال سكان ان القوات الموالية للقذافي والمرتزقة الاجانب شنوا عليها هجوما مضادا يوم الخميس لكن تم احتواؤه.
ولم يبق في ليبيا سوى القليل من المعارضة المنظمة بعد أربعة عقود من القمع السياسي ولذلك لم تتضح طبيعة الجهات الحاكمة الجديدة في المدن الشرقية. ولم يكن هناك الكثير من المؤشرات على وجود إسلاميين متشددين بين جموع المحامين والأطباء وزعماء القبائل وضباط الجيش الذين شكلوا لجانا شعبية لإعادة النظام.
القذافي يحمل ابن لادن مسؤولية ما يجري في بلده
وألقى القذافي بالمسؤولية في الانتفاضة على حكمه على زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن وقال إن المحتجين يتعاطون حبوب الهلوسة ودعا الى الهدوء.
وكان القذافي قد تعهد قبل ذلك بيومين فقط في كلمة تلفزيونية بسحق الانتفاضة والقتال حتى النهاية. وتحدث هذه المرة هاتفيا إلى التلفزيون الحكومي وبدت نبرته أكثر تصالحا بعدما خرجت مناطق كبيرة في البلاد من تحت سيطرته وقدم تعازيه في القتلى الذين وصفهم بأبناء ليبيا.
وتحدث القذافي للتلفزيون الحكومي هذه المرة عبر الهاتف بدلا من الظهور على شاشاتها كما اعتاد في الأيام الأخيرة أن الشعب الليبي يقتتل فيما بينه وأن الناس يتناولون حبوب الهلوسة. ودعا القذافي إلى الهدوء واتهم أسامة بن لادن بتدبير الانتفاضة عليه.
وقال إن ابن لادن "هذا هو المجرم اقبضوا عليه" وطالب الليبيين بعدم الاستجابة لتغرير ابن لادن بهم.
ويقول معارضوه ومن بينهم بعض السكان في طرابلس التي ابتعد كثيرون عن شوارعها خوفا من العنف ان القذافي (68 عاما) بدا في خطبه الاخيرة منفصلا عن الشعب.
ومع تردد تقارير عن نشر القذافي وابنائه قوات مرتزقة إفريقية ورجال قبائل موالين لهم قال وزير ليبي سابق استقال من حكومة القذافي هذا الاسبوع ان العقيد سيفعل ما فعله الزعيم النازي هتلر وينتحر.
سويسرا تجمد أصول آل القذافي
ومع تنامي عدد المسؤولين الليبيين ومن بينهم وزراء وسفراء الذين انشقوا على نظام القذافي قالت الحكومة السويسرية إنها ستجمد أصول أسرته.
ونفت الخارجية الليبية أن القذافي يملك هذه الأموال وقالت إنها سترفع دعوى ضد سويسرا لقولها ذلك. وقالت صحيفة ديلي تلغراف البريطانية دون أن تكشف عن مصدرها إن بريطانيا قد تصادر نحو 30 مليار دولار.
وظهرت خلافات دبلوماسية على السطح حتى حين ضغطت دول غربية لتعليق عضوية ليبيا في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة ذي السلطات المحدودة بعد معارضة من دول عربية وبعض الدول الإسلامية وروسيا وكوبا.
ويوفد الرئيس الأميركي وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون إلى جنيف يوم الاثنين لتضغط على المجلس لإدانة ليبيا.
ويمكن أن يعتمد مصير قبضة القذافي على السلطة جزئيا على أداء وحدة من القوات الخاصة حول طرابلس يقودها أحد أبنائه الصغار وذلك طبقا لمسؤولين أميركيين وأوروبيين وبرقيات دبلوماسية مسربة لويكيليكس.
لواء قدره 10 آلاف شخص مازال يحمي القذافي
ويقول مسؤولون إن اللواء الليبي رقم 32 الذي يقوده خميس ابن القذافي هو من أقوى ثلاث "وحدات لحماية النظام" يقدر إجمالي عددهم بنحو عشرة آلاف فرد هم مسلحون بشكل أفضل وهم أكثر ولاء للقذافي عن باقي وحدات الجيش.
وقال شاهد إن هذه الوحدة هاجمت ميليشيات مناهضة للحكومة تسيطر على مصراتة الواقعة على بعد 200 كيلومتر الى الشرق من طرابلس العاصمة وقتلت العديد من الأشخاص لكن السكان قالوا إن القوات الحكومية هزمت أمام السكان المحليين الأقل تسليحا.
وقالت صحيفة ليبية ان المعارك بالأسلحة في الزاوية وبها مرفأ نفط على بعد 50 كيلومترا من العاصمة أسفرت عن سقوط 23 قتيلا. ونقلت قناة الجزيرة التلفزيونية عن سكان تقديرهم عدد القتلى هناك بنحو 100.
وقال شهود عيان في الزاوية إن مواطنين بملابس مدنية بدا انهم من انصار ومن معارضي القذافي يتبادلون اطلاق النار في الشوارع.
وقال رئيس شركة إيني الإيطالية وهي أكبر شركات النفط الأجنبية في ليبيا إن الانتفاضة أوقفت صادرات ليبيا من النفط فعليا.
وأدت الأزمة في ليبيا الى ارتفاع أسعار النفط العالمية الى نحو 120 دولارا للبرميل مما أثار قلقا بشأن تعافي الاقتصاد العالمي.
(وكالات)