على!!
◄ محمد عصام زغلول
لم تنل اللغة العربية فيما مضى من الزمان اهتمام أيّ من الحكومات العربية، خاصة وأننا أعراباً وقيادات (نطحبش) باللغة العربية كما نشاء!
إلا أنه وبعد الأحداث المتسارعة في العالم، وبعد القلاقل التي نالت المنطقة العربية، وبعد ارتفاع أصوات الصامتين القابعين في جحورهم، بدأت بعض الحكومات بالعمل على ضبط كل ما قد يُحتاج لضبطه.
ولعل من جملته مفردات في اللغة العربية منسية، سعت وتسعى بعض الحكومات في محاولة حثيثة - يائسة – لا لتكريس نسيانها فحسب، بل لقتلها أو وأدها!
وسأذكر لكم حرفاً مسكيناً من حروف اللغة العربية بدأت عمليات إقصائه من مجلاتنا وجرائدنا ومدوناتنا، ومن كتب مفكرينا ومن خربشات فلاسفتنا، ألا وهو حرف الجر (على)!
فهو حرف وإن صغر وقلت حروفه - فيما تظنون - إلا أنه ذو مؤدّىً خطير، ولا تستعجلوا باستغرابكم.. لأني سأسوق أدلة دعواي:
فاستعماله أولاً كأداة استفهام كقولك:
على من تقع مسؤولية حماية المستهلك المحتضر؟
على من تجب حماية المستضعفين المعذبين من الشعب؟
على من تقع مسؤولية تطوير قطاعات التعليم والقضاء والصحة؟
على من يجب تحمل تبعات خسارة فريقنا الكروي اليوم وفرقنا الرياضية كل يوم؟
وهو ثانياً أداة تعجب واستهزاء كقولك:
على أي باخرة من بواخر المتاجرين المتكرشين تمرر اللحوم الفاسدة!
على أي شاحنة حُمل الفيل النافق الذي خُطط لسلخه وإطعامه لأطفالنا بدمشق!
على أي مادة قانونية منح ترخيص كازينو القمرجية!
على أي رصيف أو موقف قد أركن سيارتي في دمشق!
وهو ثالثاً أداة زجر ونهر كقولك:
على رؤساء البلديات إيقاف التجاوزات والمخالفات والسرقات..
على دوائر التموين البدء بضبط أسعار المواد الغذائية المحلقة..
على شرطة المرور محاولة التعامل الأخلاقي مع السائقين..
على كل منتفع تبيان ثروته ومقدارها ومصادرها..
على مجلس الشعب البدء بتحمل واجباته ومشاقه بمواجهة الحكومة..
وهو أخيراً أداة تعبر الشعوب بها عن كرامتها وإرادتها – ويا نعم ما عبرت - كقولك:
على (بن علي) التنحي عن السلطة ومغادرة البلاد فوراً!
فهل فوق ما ذكرت دليل وبرهان على قوة (على) وحيويتها في التعبير عن مطالب الجماهير والشعوب العطشى للتغيير!
هل مازال يشك واحدكم في مقدرة (على) على أن تغير واقعكم وتحقق أمنياتكم، وتعود بالخير عليكم وعلى أوطانكم!
لقد أحس المتحجرون بأهمية (على) وبدؤوا بمحاولة حرمانكم منها، وإلغائها من ألسنتكم وأدمغتكم، وما على أصحاب الهمم منكم إلا الوقوف والتصريح بها.
على الكتاب والصحفيين والمفكرين وذوي الألباب منكم وضع (على) موضعها، وممارستها في مكانها، وإعلاء الصوت بها، في كل مكان وحي ومدرسة ودائرة ومؤسسة ومديرية ووزارة ومحكمة وهيئة.
على الشرفاء إحقاق حق (على) بالسبل المتاحة كافة، وتغيير الوضع المعيشي والاقتصادي القائم الذي استهدف المواطنين، ومايزال!
على الجميع سحب (على) ممن كان يحكمها ويمارسها بغير حق، وقلب السحر على الساحر، فمنذ اليوم لن تكون (على) في خدمة من عليه تنفيذ (على) فحسب.
ومنذ اليوم لن تكون هناك:
على المواطنين تدور الدوائر!
على الصحفيين تخفيف لهجتهم!
على الثرثارين الالتزام بالصمت!
لأنه ومنذ اليوم وجب أن تعلموا جميعاً أن:
الشعب على وأن مبغضه سفل!!!
جريدة قاسيون : 487
27-1-2011
■■