اللغة الفارسية هي لغة هندو اوروبية، يتحدث بها في إيران وطاجكستان وافغانستان وفي بعض المناطق في الهند و باكستان . تكتب بالخط العربي بإضافة 4 حروف: گ، پ، ژ، چ . و يسميها بعض متكلمي اللغة الفارسية بالفارسية الدرية ( فارسى درى ) في أفغانستان كم تسمى بالتاجيكية (في تاجكستان)، أثرت اللغة الفارسية على بعض اللغات مثل: التركية العثمانية والأوردو، و اللغة العربية كما تاثرت بشكل كبير باللغة العربية .
تاريخ اللغة الفارسية و مراحل تطورها
1) اللغات الايرانية القديمة
و هي اللغات التي سادت في في المرحلة الاولى من تاريخ اللغة الفارسية و ذلك منذ بداية نشئتها حتى القرنين الرابع و الثالت قبل الميلاد و من بينها اللغة الفارسية القديمة وهي اللغة المحكية و الرسمية في عهد الملوك الاخمينيين و قد كتبت بالخط المسماري حفظت بعض النقوش المسطرة بهذه اللغة في كتابات داريوش الكبير على صخور ( بيستون) و في غيرها من الاثار المعروفة و جميعها نقشت بالخط المسماري السومري...
اضافة لهذه اللغة فقد ساد في هذه المرحلة ما يسمى باللغة الابستاقية و هي اللغة التي كتب بها الابستاق ( اوستا) كتاب زردشت المقدس لدى الزردشتيين وهو الاثر الوحيد الذي بقي مكتوبا بهذه اللغة.
2) اللغات الايرانية الوسطى
اللغات الايرانية الوسطى تعد في الواقع احدى الأشكال المتطورة عن الفارسية القديمة تم استخدامها في عهدين : عهد الإمبراطورية البارثية Parthian Empire خلال (248 ق.م – 224 م) ثم في أيام الإمبراطورية الساسانية Sassanide Empire خلال (224–651 م ).
غالبا ما يقترن اسم اللغة للفارسية الوسطى بتسمية ( اللغة البهلوية ) حيث كانت تكتب بكتابة تحمل نفس الاسم : الخط البهلوي، وهو نمط كتابة مقطعي مأخوذ من الأبجدية الآرامية، فيما كانت الفارسية القديمة تستعمل الخط المسماري السومري.
سادت اللغات الايرانية الوسطى في المرحلة الممتدة من القرنين الرابع و الثالت قبل الميلاد و الى غاية القرنين السابع و الثامن ميلادي و ظهرت في هذه المرحلة لغات متطورة عن اللغات القديمة و تنقسم هذه اللغات من ناحية المنشاء الى مجموعتين ...شرقية و غربية .
تشمل المجموعة الشرقية على عدة لغات منها ..اللغة السغدية و هي لغة اهل السغد في نواحي بخارى و سمرقند ...اللغة الختنية او السكائية و هي لغة اهل الختن في شمال شرق كاشغر و اللغة الخوارزمية ...و كانت هذه اللغة الرائجة في خوارزم و المناطق التي تقع في اقصى الشمال من ايران.
اما المجموعة الغربية فتشتمل على لغتين ..(( البهلوية الاشكانية ))
و (( البهلوية الساسانية)) .لقد بقيت من البهلوية الاشكانية التي سادت في الشمال الغربي من ايران اثارا بالخط المانوي – و هو خط من اصل ارامي-اما البهلوية الساسانية التي انتشرت في الجنوب الغربي من ايران فقد خلفت نقوشا حجرية و نقودا مسكوكة بالخط البهلوى و كتبا بالخط الارامي و يطلق عليها كذلك (( اللغة الفارسية الوسطى)) لانها تعد امتدادا للغة الفارسية القديمة.
خلال هذه الفترة تم تبسيط مورفولوجيا اللغة من الاقتران القواعدي Grammatical conjugation و نظام الاشتقاق declension للفارسية القديمة إلى مرفولوجيا كاملة التنظيم و نحو متماسك لتنظيم الفارسية الوسطى .
لكن تبقى العينات و الآثار الموجودة من هذه اللغة نادرة.
و يذكر بعض الباحثين مثل الباحث الفارسي ناصر بوربيرار ان : "كل ما هناك من نقوش علي بعض الصخور والاسوار تظهر ان اللغة البهلوية لغة ناقصة للغاية. لا توجد في جميع هذه النقوش الصخرية 200 كلمة بهلوية يمكن ان نستخدم كلمتين منها للتعبير عن قضايا ثقافية وفنية ودينية جدية…
. فكل هذه الكلمات هي كلمات بسيطة يومية لا توجد فيها لا حكمة ولا ادب.
3) اللغة الفارسية الحديثة
و هي اللغة التي سادت منذ القرن الثالت الهجري و استمرت الى يومنا هذا ...لقدنشئت هذه اللغة عن اللغة البهلوية و تفاعلها مع اللغة العربية. و هي تمثل الفارسية الحديثة التي تعرف كذلك باسم الفارسية الدرية و التي تطورت الى الفارسية المعروفة اليوم و التي تكتب بحروف عربية.
و قد استقطبت اللغة الفارسية الحديثة في مراحل تكوينها كافة اللهجات الفارسية الاخرى فاغتنت بها ..كما اقتبست من اللغة العربية كثيرا من مفرداتها و مصطلحاتها في مجال الدين .. الفلسفة…. الغلم… الادب و الفن و غيرها .
و يرجع سبب تسمية اللغة الفارسية الحديثة بالفارسية الدرية الى انها اللغة التي كان يتحدث بها في بلاط ملوك خراسان اي (( در او دربار)) بمعنى البلاط او الباب الملكي حيث كانت لغة الصفوة من الحاشية و عندما قامت اول حكومة فارسية في ظل الخلافة العباسية بزعامة يعقوب بن ليث الصفار في خراسان اخذت تعمل على نشر الفارسية الدرية.
و قد استعملت الفارسية الحديثة ( فارسى درى) كلغة ادبية لاول مرة في العهد الاسلامي في بلاط الطاهريين و الصفاريين و السامانيين و بدئت الاثار الادبية المكتوبة بها تظهر مدونة انطلاقا من القرن الثالت الهجري .
وتمتاز الفارسية الحديثة بتأثرها الكبير باللغة العربية كما أنها تأثرت بلغات أخرى كالتركية. اذ كان الفتح الإسلامي لفارس بداية جديدة لتاريخ فارس الحديث لغة و شعرا …. فقد شهدت في فترة لاحقة عددا كبيرا من الشعراء و الأدباء الذين استخدموا الفارسية كلغة تعبير أدبية ، بالتالي أصبحت الفارسية اللغة المسيطرة في المناطق الشرقية من العالم الإسلامي مثل فارس و أفغانستان و شرق الهند الذي عرف لاحقا بباكستان إلى جانب الأوردية .
و قد اعتمدت الفارسية كلغة رسمية في أيام الساماندين ، المغوليين ، التيموريون ، الغزنويون ، السلاجقة و الصفويون . لذا يجدر الذكر الى انه في هذه المرحلة سادت لغات اخرى مثل (( لغة البشتو)) (( اللغة الافغانية )) (( اللغة الاسية )) (( االغة البلوتشية )) و معظم هذه اللغات لا تزال سائدة الى عصرنا الحاضربين الافغانيين الاكراد و البلوتشيين .
ان اللغة الفارسية الحديثة لم تطر ئ عليها تغييرات جذرية و ظلت على شكلها و خطها ان كانت بفعل و تركيبها طيلة هذه القرون المتمادية ..و التاثر باللغات الدخيلة طرء تغيير على معجمها ...فانها ظلت على اصلها و هي الان لغة حية لاكثر مئة مليون نسمة يتكلمون بها في كل انحاء ايران و افغانستان
و تاجيكستان و الى حد ما في الهند و باكستان و تركيا.
يقول الباحث الإيراني يوسف عزيزي: "ازدهرت اللغة الفارسية وترعرعت في أحضان الأبجدية العربية بعد الفتح الإسلامي لإيران. وقدمت شعراء ومتصوفين ومفكرين عظاماً، خلافاً لما قبل الاسلام حيث لم تقدم اللغة البهلوية ـوهي لغة البلاط عند الأكاسرةـ أي اسم بارز في مختلف مجالات المعروفة وخاصة والأدب.
و يبدو ان اللغة الفارسية استعارت من اللغة العربية الكثير من تراكيبها و مفراداتها و لاحقا استفادت من اللغة المغولية عند سيطرة الإمبراطورية المغولية و من ثم التركية . بالمقابل دخلت العربية العديد من المفردات العربية خاصة تلك المتعلقة بالتنظيمات الإدارية التي اقتبست عن الفرس.
يقول الباحث الإيراني يوسف عزيزي: "لقد أثرت الثقافة العربية في الثقافة الفارسية، عبر العصور. وكان للأدب العربي تحديدا، تأثير مهم في الادب الفارسي كما وكان للغة العربية أيضا، دور في إغناء اللغة الفارسية بالمفردات المتعددة. فهناك نحو 60% من اللغة الفارسية مفردات عربية، أو عربية الجذور.
و يمكن القول أن تأثير اللغة العربية في اللغة الفارسية، يشبه تأثير اللغة الرومانية في اللغة اللاتينية. و كوني باحثا في الادب الفارسي، وفي الادب العربي، باستطاعتي القول ان الادب الفارسي لم يكن له وجود بارز قبل الاسلام، وقد أصبح له هذا الوجود، وهذا البروز بعد الاسلام،
فنتيجة لتمازج الثقافتين الفارسية و العربية، الذي انتج عندنا شعراء و مفكرين وأدباء كبارا، مثل حافظ الشيرازي و سعدي الشيرازي و ناصر خسرو البلخي وفي مجال الفلسفة الملا صدرا و ابن سينا و الفارابي و الغزالي. وكلنا يعلم ان شاعرا مثل حافظ الشيرازي وهو من أعظم شعراء الفرس والعالم، كان يعرف و يقرأ ويستوعب الشعر الجاهلي، وشعر العصر العباسي و الأموي، وكان يعرف القرآن وحافظا لآياته. وقد كتب قصائد عربية أيضا، وحذا حذوه في ذلك سعدي وناصر خسرو والبلخي.
ومن المعروف أن سعدي الشيرازي زار الدول العربية في القرن السابع الهجري، منها لبنان وسوريا والحجاز والعراق، وله في هذا الرحلات كتابات مهمة".
............................