بالنفاق تخترق الآفاق ... وتطعن في الأعماق
تتداعى القمم الأخلاقية لتسقط رهينة الهفوة الحضارية المنمقة بتلك التفاهات من الدخلاء المتعالون
و المسوقون ، و نحن كالعادة ... نتنازل بين الفينة و الأخرى عن شيء فشيء حتى أصبحنا لا شيء
كون النفاق عادة متداولة في هذا العصر فهذه مصيبة ..
وكون متعاطيها إنساناً غير منبوذ و محبوب فالمصيبة أعظم ..
في الماضي كان المنافقين يتسمون بالتخفي و لا يجرؤ أحدهم بإظهار عادته ..
و لكن نشاهد العجب العجاب في هذا العصر أصبحت حرفة يتقنها الكثير ..
كما أنها غلفت بأغلفة عديدة كالدبلوماسية و المجاملة و غيره من المسميات الواهية ..
[ عند ذكر النفاق قد يتوارد إلى الأذهان النفاق الاعتقادي و هو ليس ما نتحدث عنه ..
فحكمه مفروغٌ منه بقول الله عز وجل {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ} [النساء: 145]
في هذا المقام الحديث عن عادة النفاق أو النفاق العملي .. ]
ليس من المدهش أن نرى الغراب بالسماء .. كما أنه ليس من المستغرب أن لكل ..... قفزة ..
قد يتساوى ذلك مع منافقين هذا العصر .. ففي كل صولة و جولة لهم نصر ..
في جوانب عدة يتمتع المنافق بقوة السلطة كونه فقط يرضي من لا رضى له ..
و يحبو لخدمة كل متغطرس أعمى لا بصيرة لديه فينتصر كل فاشل و يسقط كل ناجح ..
بشديد الأسى هذه هي الحقيقة و الدلائل تشير إلى ذلك في مختلف الأزمنة و الأمكنة و المقامات ..
إن تغزل الغرب بالعولمة و إظهارها للدول النامية كالحل و المرسى المنقذ من الفقر و المرض ..
و الإعلام الكاذب المتحدث على لسان المنافقين من الغرب يردد الكلام المعسول المبطن بالسم ..
ليقع العديد منها فرائس سهلة لهذه الحرباء المتلونة التي تختفي خلف شعارات التقدم و التطور ..
و تنقض بلسانها الخاطف فتفتك بفريستها على حساب القوانين المخادعة و الالتفاف حول الأنظمة ..
بدهاء الدجالين و حنكة تتزامن مع الحياة الفطرية و مبدأ دورة الحياة الحيوانية .. !!
لينتهي الأمر و يسقط القتلى ضحية الحروب و المرضى و الجياع و يقف الغرب كالحمل البريء ..
و يتباكى ليظهر دموع التماسيح و يقف العالم بأسره ليصفق لهذه المسرحية .. التي تعتلي مسرحها حبال الشنق و تمطر إضاءتها بلون الدماء ..
و يالهذا المقام و ما أبشع النفاق فيه ..
لا يكاد النفاق أن ينحصر بالقضايا السياسية فهو الداء المتمكن الذي دب في مجتمعات العالم .. بمختلف أعراقها و دياناتها ليهم و ينتشر في أفراد المجتمع في المنزل و مقر العمل و المجالس ..
لم لا نتحدث و نسقط ورقة التوت و نكشف الحقيقة .. ؟ مدراء و وزراء يستلمون المراكز بألسنتهم
و لا يملكون من الكفاءة قيد أنملة .. يجحف بحق الكفاءات لأنها لا تعرف كيف تلبس الأقنعة ..
تجمع النقاط و يرشح لتَرقية من سلح نفسهُ بالنفاق ..
عجباً لنا و نحنُ نصيح و نشكي من الفساد .. !!
- إن النفاق بالمشاعر ليس إلا تبجيل و تقديس لطقوس الأنانية و الكذب .... و أبشع جريمة من الممكن أن ترتكب في حق عذرية الكلمات و الحروف ..........