الأديبة سلمى الحفار الكزبري ونصـف قـرن مـن العطاء
السيدة سلمى الحفار الكزبري أديبة قاصة وروائية وشاعرة وباحثة ومحققة وكاتبة سيرة…ولدت في دمشق في الأول من أيار عام 1923 في بيت عريق اشتهر بالسياسة والوطنية والعلم،
فوالدها لطفي الحفار (1888-1968) كان أحد أقطاب الكتلة الوطنية في سورية أيام الانتداب الفرنسي وبعد الاستقلال، ونائباً في البرلمان السوري لعدة دورات، ووزيراً للمالية والداخلية ورئيساً للوزراء عام 1939.
تلقت دراستها الابتدائية والاعدادية والثانوية في مدرسة راهبات الفرنسيسكان بدمشق، حيث مكثت تسع سنوات أتقنت خلالها اللغة الفرنسية وتعلمت الانكليزية، وكان من مدرساتها فيها الأديبة الرائدة ماري عجمي (1888-1965)
كما درست العلوم السياسية بالمراسلة في الجامعة اليسوعية في بيروت دون أن تكملها، وكان لمكتبة والدها الغنية بكتب التراث العربي فضل كبير على إغناء ثقافتها.
تزوجت عام 1941 من محمد كرامي شقيق الزعيم اللبناني عبد الحميد كرامي في طرابلس (لبنان)، ورزقت منه طفلاً، لكنها ترملت بعد ولادته، فأثرت فيها هذه الفاجعة تأثيراً كبيراً، ولم يعزها بعدها الا انكبابها على الدراسة ونهل العلم والمعرفة…
ثم تزوجت عام 1948 من الدكتور نادر الكزبري وأنجبت منه ابنتين، وكان أستاذاً في كلية الحقوق بجامعة دمشق وعضواً في مجلس شورى الدولة، ثم سفيراً لسورية في كل من الأرجنتين وتشيلي وإسبانيا، وقد استطاعت خلال مدة إقامتها في هذه البلدان تعلّم اللغة الاسبانية، والقيام بنشاطات ثقافية واسعة في الجمعيات والنوادي الثقافية والفنية والأدبية، وبعد عودتها الى دمشق انتسبت الى المركز الثقافي الاسباني حيث درست جدياً اللغة والأدب والتاريخ مدة عامين ونالت دبلوماً رسمياً.
وقد مكنها تعلمها اللغة الاسبانية من القاء عدة محاضرات في مدريد وبرشلونة عن المرأة العربية والشاعرة الأندلسية ولاّدة بنت المستكفي وعاشقها ابن زيدون.
أسست عام 1945 مع رفيقاتها الشابات جمعية (مبرة التعليم والمواساة) التي أخذت على عاتقها تربية الأطفال اللقطاء منذ ولادتهم حتى بلوغهم السنة السابعة من العمر وشاركت في عدة مؤتمرات نسائية منها المؤتمر الاقتصادي الاجتماعي في هيئة حقوق المرأة الذي عقد عام 1949 في مبنى اليونسكو في بيروت…
وكتبت للصحافة والإذاعة، وأسهمت في عدة ندوات أدبية، وألقت الكثير من المحاضرات بالعربية والفرنسية والاسبانية في كل من دمشق وإسبانيا والأرجنتين وايران وبغداد وبيروت وتونس..
شُغفت بالموسيقا الكلاسيكية وتعلمت العزف على البيانو منذ طفولتها عند الراهبات أولاً، ثم على يدي الأستاذ بيلنغ الروسي، كما أولعت بالرياضة ولا سيما رياضة التنس، والسباحة والتصوير الضوئي…وتعرفت خلال أسفارها الكثيرة الى أوروبا والأمريكيتين والهند وإيران على مشاهير الأدباء والشعراء، وتبادلت معهم الرسائل،
ونالت جائزة الملك فيصل العالمية للأدب العربي عام 1995 وقد جاءت هذه الجائزة بمثابة تكريس لها كأديبة مبدعة في الساحة العربية، كما فازت بجائزة البحر الأبيض المتوسط الأدبية من جامعة بالرمو في صقلية عام 1980، ووسام «شريط السيدة» من اسبانيا عام 1965.
آثارها الأدبية
نشرت سلمى أولى مقالاتها وهي في السادسة عشرة في مجلة «الأحد» التي كان يصدرها إيليا شاغوري بدمشق، وجريدة «أصداء سورية» التي كانت تصدر بالفرنسية، وكتبت مذكراتها بالعربية وهي في السابعة عشرة تحت عنوان «يوميات هاله» وأهدتها الى روح الزعيم الخالد سعد الله الجابري، وحين أطلع عليها والدها الشاعر الكبير بدوي الجبل (1905-1981) على هذه المذكرات اقترح عليه ان تنشرها دون أي تعديل.
كتبت سلمى في معظم الفنون الأدبية، وتنوعت كتبها بين القصة القصيرة والرواية والسيرة والشعر والمقالة والدراسة الأدبية والتحقيق…فمن قصصها القصيرة «حرمان» 1952 و«زوايا»1955،و«الغريبة»1966،و« حزن الأشجار» 1986.
ومن رواياتها «عينان من أشبيلية» 1965، و«البرتقال المر»1975..
ولها في السيرة«نساء متفوقات»1961 و«عنبر ورماد» (سيرة ذاتية) 1970، و«جورج صاند»1979، و«مي زيادة أو مأساة النبوغ» 1987.
كما قامت بجمع رسائل جبران خليل جبران التي كتبها إلى مي زيادة ونشرتها -بالاشتراك مع الدكتور سهيل بديع بشروئي- تحت عنوان«الشعلة الزرقاء» 1979، و«رسائل مي زيادة الى أعلام عصرها»1982..
وجمعت أربع محاضرات من محاضراتها ونشرتها عام 1971 تحت عنوان«في ظلال الأندلس» وهي:«عاشقا قرطبة، ولاّدة وابن زيدون» التي ألقتها باللغة الاسبانية في مدريد 1967وباللغة العربية في دار الثقافة (ابن خلدون) في تونس في العام نفسه، و«المرأة العربية» التي ألقتها باللغة الاسبانية في مدريد 1963، و«أثرنا في اسبانيا» التي ألقتها باللغة العربية في المنتدى الاجتماعي بدمشق 1965، و«الأعياد والتقاليد في إسبانيا» التي ألقتها في الندوة الثقافية النسائية بدمشق 1966.
كذلك أصدرت ثلاثة دواوين باللغة الفرنسية هي«الوردة الوحيدة» 1958، و«نفحات الأمس» 1966، و«بوحي» وديواناً واحداً باللغة الاسبانبة عنوانه «عشية الرحيل».
أما مقالاتها فقد جمعتها في كتاب «الحب بعد الخمسين» الذي صدر عام 1989 وأهدته الى والدها لطفي الحفار وضم اثنتين وثلاثين مقالة تحدثت فيها عن الحب والحرب، والحب والشيخوخة وحب الطيور وحب الحرية، وحب الأرض، وحب الله..
وختمت الكتاب برسالة حب وجهتها الى أحفادها قائلة لهم:
«لتكن حياتكم في القرن الحادي والعشرين رافلة بالهناء، وأعمالكم مكللة بالنصر، افتحوا قلوبكم للحب هذا الشعاع السماوي الذي هو أهم زاد في الوجود، وأفضل سلاح يحميكم من عاديات الزمان، فالحب فضيلة يزودكم بالإيمان، ويغذيكم بالتفاؤل، ويحثكم على العطاء…»
وقد أصدرت أخيراً كتاب «لطفي الحفار-مذكراته وحياته وعصره»
وهو سيرة حياة والدها الذي ائتمنها على مذكراته التي كتبها في مختلف مراحل حياته ونضاله، وعلى الوثائق المتصلة بأعماله، والمهام الرسمية التي قام بها، والمناصب الحكومية التي شغلها، كما سلمها الرسائل التي تبادلها مع معاصريه على مدى ستين عاما.
رحم الله الأديبة الكزبري فقد كانت ترى دور الأدب في المجتمع دوراً موجهاً يغني مكتبات الأمة، يغذي الأجيال الناشئة، وعندما يكون هناك إنتاج أدبي ثري فهذا إثراء للمجتمع.. فتراثنا الأدبي الضخم كان من أسباب تألق الحضارة العربية في بلادنا وفي الغرب.. فالأدب ليس مسألة قيمة بقدر ما هو ركن أساس في تطور المجتمع.
من مؤلفاتها:
1- يوميات هالة- رواية- دمشق 1950.
2- حرمان- قصص- القاهرة 1952.
3- زوايا- قصص- القاهرة 1952.
4- أشعار، بالفرنسية، الأرجنتين 1958.
5- نساء متفوقات- دراسة- بيروت 1961.
6- عينان من اشبيلية- رواية- 1965.
7- الغربية- قصص- 1966.
8- شعر- بالفرنسية- باريس 1966.
9- عنبر ورماد- سيرة ذاتية- بيروت 1970.
10- البرتقال المر- رواية- بيروت 1974.
11- الشعلة الزرقاء- رسائل إلى جبران- تحقيق مع بشروئي 1979.
12- نفحات ريح الأمس.
13- الحب بعد الخمسين- مذكرات 1989.
14- مي أو مأساة النبوغ- دراسة.
15- مي وأعلام عصرها- دراسة.
..................................