الخل الوفي عضو مجلس الإدارة
اسم دولتي : عدد الرسائل : 285 العمر : 54
| موضوع: "ربنا لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا" الأربعاء أكتوبر 27, 2010 10:25 pm | |
|
قال تعالى ( وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامً )
• وإذا ابتلي الإنسان بسفيه أو دنيء في مجلس أو منتدى فلا يجاره ، لأن مجاراة السفيه تقود العاقل إلى مشابهته ، والسفيه لا يريد من العاقل إلا ذلك ، لأن السفيه يعلم أنَّه لا يملك إلا هذه الوسيلة للانتصار لنفسه ، ولو كان يعرف طريقة غيرها لينتصر لنفسه أو لرأيه لسلكها كما يفعل العقلاء ، فما أحسن ترك السفيه وسفاهته ، وسأسوق هنا بعض الأبيات حول هذا المعنى .
رحم الله الامام الشافعي قال الله تعالي (واذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما)
ولكل امرئ في الحياة مذهب
فاي طريق اخترت تذهب
وان طرق بابك السفيه بكل ادب عنه اعرض
كأن حديثه ماء علي ورق لايكتب
وقال ايضا
اذا سبـــــنــــــي نـذل تزايدت رفعة و ما العيب الا ان اكون مســـــابـــبه
و لو لم تكن نفسي علي عزيــــــزة لمكنتها من كل نذل تـــــــحاربــــــه
و لو أنني أسعى لنفعي وجدتنــــي كثير التواني للذي أنا طـــــــالبــــــه
و لكنني أسعي لنفع صاحبــــــــــي و عار على الشبعان اذا جاع صاحبه
يخاطبني السفيه بكل قبــــــــــــــح فأكره أن أكون له مجــــــــيـــــــبـــا
يزيد سفاهة فأزيد حـــــــلـــــــــــما كعود زاده الاحراق طيبـــــــــــــــــا
و يقول أيضا:
اذا نطق السفيــــــه فــــلا تـــــجبه فخير من اجابته السكـــــــــــــوت
فان كلمتـــــه فرجــــــت عـــــــنــه و ان خليته كــــــمــــدا يــــمـــوت
كما يقول الامام:
و الصمت عن جاهل أو احمق شرف و فيه أيضا لصون العرض اصـــــلاح
أما ترى الاسد تخشى و هي صامتة؟ و الكلب يخسى لعمري و هو نباح
قال الإمام الشَّافعي رحمه الله :
قَالُوا سَكَتَّ وَقَدْ خُوصِمْتَ قُلْتُ لَهُمْ *** إِنَّ الْجَوَابَ لِبَابِ الشَّرِّ مِفْتَاحُ
فَالصَّمْتُ عَنْ جَاهِلٍ أَوْ أَحْمَقٍ شَرَفٌ *** أَيْضًا وَفِيهِ لِصَوْنِ الْعِرْضِ إِصْلاحُ
أَمَا تَرَى الأُسْدَ تُخْشَى وَهِيَ صَامِتَةٌ *** وَالْكَلْبُ يَخْسَى لَعَمْرِي وَهُوَ نَبَّاحُ
وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب الحِلْمِ ; قال حدثني عبد الرحمن بن صالح أنا محمد بن بشير قال أنشد رجل مسعر بن كدام ..
لاِ تُرْجِعَنَّ إِلَى السَّفِيْهِ خِطَابَهُ *** إِلاَّ جَوَابَ تَحِيَّةٍ حيَّاكَهَا
فَمَتَى تُحَرِّكَهُ تُحَرِّكَ جِيْفَةً *** تَزْدَادُ نَتْناً إِنْ أَرَدْتَ حِرَاكَهَا
وقال أيضا أنشدني محمود الوراق ..
رَجَعْتُ عَلَى السَّفِيْهِ بِفَضْلِ حِلْمٍ *** وَكَانَ الْفِعْلُ عَنْهُ لَهُ لِجَاما
وَظَنَّ بِيَ السَّفَاهَ فَلَمْ يَجِدْنِي *** أُسَافِهُهُ وَقُلْتُ لَهُ سَلاَمَا
فَقَامَ يَجُرُّ رِجْلَيْهِ ذَلِيْلاً *** وَقَدْ كَسَبَ الْمَذَمَّةَ وَالْمَلامَا
وَفَضْلُ الْحِلْمِ أَبْلَغُ فِي سَفِيْهٍ *** وَأَحْرَى أَنْ يَنَالَ بِهِ انْتِقَامَا
وقال حدثني ابن أبي حاتم الأزدي نا عبد الله بن داود قال سمعت الأعمش يقول : السُّكُوْتُ جَوَابٌ .
ومن مأثور الشعر في معاملة السفهاء قول الشاعر:
سكتُّ عن السفيه فَظَنَّ أنِّي *** عييتُ عن الجواب وما عييتُ
فإنْ كلَّمتُهُ فرَّجتُ عنهُ *** وإن خليتُه كمداً يموتُ
وهذا صحيح فإن السفيه كالنار وقوده الرد عليه فيزداد سفاهة واندفاعاً، أما الصمت عنه ترفعاً فيقتله.
والمثل العربي يقول: ** سفيهٌ لم يجدْ مسافهاً ** ..
وقال الحسن بن علي رضي الله عنهما لبعض من خاصمه: سفيه لم يجد مسافها، فإنه رضي الله عنه سمى المقابل له في السفاهة مسافها وإن كانت سفاهته لو وجدت بعد سفاهة الأول، وتقول: إن شاتمتني فما أشتمك .
فالذي يتجاوب مع السفيه في فاحش القول يصبح مثله تقريباً ويعطيه الفرصة الذهبية لاستعراض قاموس سفاهته أما الذي يسكت عنه ترفعاً فإنه يخرسه ويلقمه حجراً..
ويقول أبو الأسود الدؤلي:
وإذا جريتَ مع السفيه كما جرى *** فكلاكما في جريه مذمومُ
وإذا عتبتَ على السفيه ولُمْتَهُ *** في مثل ما يأتي فأنتَ ظلومُ
وللإمام الشافعي:
متاركةُ السفيه بلا جواب *** أشدُّ على السفيه منَ الجواب
والسفيه يلتقي مع اللئيم في الشر وإن كان الأخير قلما يعقل مع الزمن، قال المؤمل المحاربي:
وكم من لئيم وَدّ أنِّي شَتَمْتُهُ *** وإن كان شتمي فيه صابٌ وعَلْقَمُ
وَلَلكَفُّ عن شَتْم اللئيم تكرُّماً *** أَضَرُّ لهُ من شَتْمه حين يُشْتَمُ
ويقول المتنبي بما فيه دلالة على خطورة السفهاء:
وجُرْم جَرَّهُ سفهاءُ قوم *** فَحَلَّ بغير جارمه العقابُ
فإن السفيه قد يجر على أهله وقومه ومجالسيه المصائب وقد يثير العداوات والحروب والفتن،
ومن دعاء موسى عليه السلام في ضرر السفهاء على أقوامهم: ( قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُم مِّن قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاء مِنَّا ) [الأعراف : 155]
والسفاهة أي الجهل قد يكون جهلا بسيطا وقد يكون جهلا مركبا .
فالجاهل البسيط: هو من تكلم فيما لا يحسن ، وإذا نبه أو عُلِّم ، شكر من علَّمه وعاد إلى الصواب .
وأمَّا الجاهل المركَّب: الذي لا يعلم ويظن أنه يعلم فهو يتكلم ويجادل فيما لا يحسن ويصر على رأيه ، فلا يرجع إلى رشده ، ولا يعقل كلام من يناقشه ، ويظن أنَّه الفاهم وغيره الجاهل ، وأنه الذكي وغيره الغبي .
وهذا النوع هو الذي قصدته في كلامي .
لأن الجهل اليسير نقع فيه جميعا ، لكنا نقبل كلام من يرشدنا ويصحح خطأنا إن كان أهلا لذلك .
قال أبو حاتم ابن حبّان كما في مختصر [ روضة العقلاء ونزهة الفضلاء ] : من علامات الحمق:أي الأحمق, التي يجب على العاقل تَفَقّدُها ممن خفي عليه أمره: سرعة الجواب , وترك التثبّت , والإفراط في الضحك , وكثرة الالتفات , والوقيعة في الأخيار , والاختلاط بالأشرار , وإن من أعظم إمارات الحمق في الأحمق[لسانه] , فإنه ماخطر على قلبه نطق به لسانه.
والأحمق: إذا اعرضت عنه اغتم , وإن أقبلت عليه اغتر , وإن حَلُمت عنه جهل عليك , وإن جَهِلَت عليه حَلُم عنك , وإن أسأت إليه أحسن إليك , وإن أحسنت إليه أساء إليك , وإذا ظلمته انتصفت منه , ويظلمك إذا أنصفته ..
السفيه هو الإنسان الناقص العقل، الذي يتجرأ على الآخرين بالسب والشتم ويتهجم بلا سبب ويطلق الكلام القبيح بسهولة فهو إنسان غير ناضج ولا مسؤول..
وهو يختلف عن (السخيف) فالأخير لا يعتدي بساقط القول، ولكنه يتحدث بكلام لا فائدة منه ولا لون له ولا طعم، فضد السخيف هو الرصين، وضد السفيه هو العاقل الحكيم، السفيه قليل العقل فاقد للحكمة، والسخيف فارغ من الداخل تافه الاهتمام والكلام والعمل، قال العلامة ابن حزم في تعريف السُّخف:
"وحَدُّ السخف هو العمل والقول بما لا يحتاج إليه في دين ولا دنيا، ولا حميد خُلُق، مما ليس معصية ولا طاعة ولا عوناً لهما، ولا فضيلة ولا رذيلة مؤذية، ولكنه من هَذْر القول وفضول العمل، فعلى قدر الاستكثار من هذين الأمرين يستحق المرء اسم السخف!" قلت: ولا فخر! وقد ورد كلام ابن حزم في كتابه الصغير حجماً المفيد علماً "مداواة النفوس ص ٤٩) قلت: السخيف لا يضر ولا ينفع ولكنه سمج، أما السفيه فهو يضر مخالطيه بطول لسانه وسوء كلامه وقبح جوابه، وغالباً ما يكون السفيه صغيراً في السن لم يتلق تربية حسنة ولم تنضجه الليالي والأيام ولم يعرف أقدار الرجال وأصول الاجتماع، ومع ذلك فقد توجد السفاهة في بعض كبار السن فتكون كارثة.. قال الشاعر:
"وإنَّ سفاه الشيخ لا حلم بعَدهُ
وإن الفتى بعد السفاهة يحلُمُ"
والحلم هنا بمعنى العقل..
والعاقل يترفع عن مجاراة السيف أو حتى مجاوبته، ويعلم أن السفهاء يتجرأون على كل أمر خطير عن نقص في العقل، حتى إن السفيه قد يتجرأ على الله خالقه ورازقه، والعياذ بالله، قال سبحانه وتعالى: (وإنَّه كان يقولُ سفيهنا على الله شططاً) سورة الجن الآية ٤.
* * *
ومن مأثور الشعر في معاملة السفهاء قول الشاعر:
"سكتُّ عن السفيه فَظَنَّ أنِّي
عييتُ عن الجواب وما عييتُ
فإنْ كلَّمتُهُ فرَّجتُ عنهُ
وإن خليتُه كمداً يموتُ!"
وهذا صحيح فإن السفيه كالنار وقوده الرد عليه فيزداد سفاهة واندفاعاً، أما الصمت عنه ترفعاً فيقتله.. والمثل العربي يقول:
"سفيهٌ لم يجدْ مسافهاً"
فالذي يتجاوب مع السفيه في فاحش القول يصبح مثله تقريباً ويعطيه الفرصة الذهبية لاستعراض قاموس سافهته أما الذي يسكت عنه ترفعاً فإنه يخرسه ويلقمه حجراً..
ويقول أبو الأسود الدؤلي:
"وإذا جريتَ مع السفيه كما جرى
فكلاكما في جريه مذمومُ
وإذا عتبتَ على السفيه ولُمْتَهُ
في مثل ما يأتي فأنتَ ظلومُ
وللإمام الشافعي:
"متاركةُ السفيه بلا جواب
أشدُّ على السفيه منَ الجواب!"
والسفيه يلتقي مع اللئيم في الشر وإن كان الأخير قلما يعقل مع الزمن، قال المؤمل المحاربي:
"وكم من لئيم وَدّ أنِّي شَتَمْتُهُ
وإن كان شتمي فيه صابٌ وعَلْقَمُ
وَلَلكَفُّ عن شَتْم اللئيم تكرُّماً
أَضَرُّ لهُ من شَتْمه حين يُشْتَمُ"
والسفيه يهاجم ويسب بلا سبب:
"يسطو بلا سبب وتل
لك طبيعةُ الكلب العقور"!
* * *
ويقول المتنبي:
"ومكائد السفهاء واقعةٌ بهم
وعداوةُ الشعراء بئسَ المُقْتَنى"
وله أيضاً وفيه دلالة على خطورة السفهاء:
"وجُرْم جَرَّهُ سفهاءُ قوم
فَحَلَّ بغير جارمه العقابُ"
فإن السفيه قد يجر على أهله وقومه ومجالسيه المصائب وقد يثير العداوات والحروب والفتن.
وإن بليت بشخص لا خلاق له = فكن كأنك لم تسمع ولم يقل
وإذا أتتك مذمتي من ناقص = فهي الشهادة لي بأني كامل
لقد زادني فخرا لنفسي أنني = بغيض إلى كل امرئ غير طائل
وأني شقي باللئام ولا ترى = شقيا بهم إلا كريم الشمائل
يخاطبني السفيه بكل قبح = وآسف أن أكون له مجيبا
يزيد سفاهة وأزيد حلما = كعود زاده الإحراق طيبا
إذا سبني نذل تزايدت رفعة = وما العيب إلا أن أكون مساببه
ولو لم تكن نفسي علي عزيزة = لمكنتها من كل نذل تحاربه
فإنا وما تلقي لنا إن هجوتنا = لكالبحر مهما تلق في البحر يغرق
لا فخر للأنذال إلا أنني = خلدت ذكرهم بسطر هجاء
وقالوا: فلان في الورى لك شاتم = وأنت له دون الخلائق تمدح
فقلت :ذروه ما به وطباعه = فكل إناء بالذي فيه ينضح
ومنزلة السفيه من الفقيه *** كمنزلة الفقيه من السفيه
فهذا عالم في علم هذا *** وهذا فيه أعلم منه فيه
إذا غلب الشقاء على سفيه *** تنطع في مخالفة الفقيه
ومن أقوال الإمام الشافعي رحمه الله
وإذا نطق السفيه فلا تجبه *** فخير من اجابته السكوتُ
فإن كلمتــه فرّجـــت عنه ***وإن خلّيته كمداً يمـــــــوتُ
ومن أبيات الحكمة في ذلك..
أعرض عن الجاهل السفية *** فكل ما قـــال فهو فيــه
ما ضرَّ بحر الفرات يوما *** إن خاض بعض الكلاب فيه
ومنها أيضا.
اصبر على مضض الحسود فإن ذلك قاتله
فالنار تأكل نفسها إن لم تجد ما تأكله
قال الشافعي
متاركة السفيه بلا جواب... اشد على السفيه من الجواب
وقال :
إذا السفيه فلا تجبه ... فخير من إجابته السكوت
وقال الرصافي :
صاح ما دل في الأمور على الأشـ...ـكال إلا تفحص الأضداد
فاعتبر بالسفيه تمس حليما... وتعرف بالغي طرق الرشاد
وقال الشاعر:
سكت عن السفيه فظن أني ... عييت عن الجواب وما عييت
فإن كلمته فرجت عنه... وإن خليته كمداً يموت
قال صلاح الدين الصفدي في قصيدته التي مطلعها
الجد في الجد والحرمان في الكسل *** فانصب تصب عن قريب غاية الأمل
واستشعر الحلم في كل الأمور ولا *** تسرع ببادرة يوما إلى رجل
وإن بليت بشخص لا خلاق له *** فكن كأنك لم تسمع ولم يقل
ولا تمار سفيها في محاورة *** ولا حليما لكي تقصى عن الزلل
ولا يغرنك من تبدو بشاشته *** منه إليك فإن السم في العسل
أهرب من السفيه كما تهرب من الجرب ولا تجادله فإنه غالبك لا محاله بسفهه
قال الله : { واعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم فاحذروه واعلموا أنَّ الله غفور حليم}(سورة البقرة الآية 235)
الذي يَدِرُّ على خلقه النعم الظاهرة والباطنة ، مع معاصيهم وكثرة زلاتهم، فيحلم عن مقابلة العاصين بعصيانهم . ويستعتبهم كي يتوبوا ، ويمهلهم كي ينيبوا. وهو الذي له الحلم الكامل الذي وسع أهل الكفر والفسوق والعصيان ، حيث أمهلهم ولم يعاجلهم بالعقوبة ليتوبوا ولو شاء لأخذهم بذنوبهم فور صدورها منهم ، فإنَّ الذنوب تقتضي ترتب آثارها عليها من العقوبات العاجلة المتنوعة ولكن حلمه الله هو الذي اقتضى إمهالهم كما ذكر القرآن : { ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى فإذا جاء أجلهم فإن الله كان بعباده بصيراً }(سورة فاطر آية 45) وذكر القرآن : { ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم ما ترك عليها من دابة ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون}(سورة النحل الآية 61)
• فإن التَّعامل مع النَّاس على مختلف طبقاتهم أمر لا مفرَّ منه لأي إنسان يعيش على هذه البسيطة ، فالإنسان لا بد أن يعيش في مجتمع فيه العاقل والجاهل ، والرشيد والسفيه ، والذكي والبليد ، والشريف والدني ، ولو عامل الإنسان كل صنف منهم باخلاقهم فلن يذوق طعم الراحة ، لأنه سيكون متقلِّب الأطوار ، مرَّة عاقلا ومرَّة جاهلا ، ومرَّة رشيدا ومرَّة سفيها ، ومرة شريفا ومرة دنيّاً ، ولن يستطيع التلبس بكل هذه المتناقضات في كل أوقاته ، خاصة إذا كان الإنسان لا يجيد التمثيل والتلبيس على غيره ، واستخدام أكثر من وجه مع النَّاس ، فلذلك جاء الإسلام بتهذيب الأخلاق ، وترتيب التَّعاملات بين الأفراد ، ولا خير فيمن يترك تعاليم ربِّه ، والاقتداء بأخلاق نبيِّه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ، ثم يذهب يحاكي الأسافل في أخلاقهم والسفهاء في سفاهاتهم .
• وقد مدح الله رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ في كتابه بأنه صاحب خُلق عظيم فقال { وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ } ، والمسلم لا بد أن يسأل الله أن يرزقه حسن الخُلق ، حتى يسير في هذه الحياة سيرا حميدا ، لأن السير على هذه الأخلاق والتزامها في كل الأوقات لا يكون إلا بتوفيق من الله تعالى ، وإذا كان رسولنا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ سأل ربَّه ذلك كما روى الإمام مسلم وغيره عن علي بن أبي طالب رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ كان يقول إذا قام في صلاته : (( ... وَاهْدِنِي لِأَحْسَنِ الْأَخْلَاقِ لَا يَهْدِي لِأَحْسَنِهَا إِلَّا أَنْتَ وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا لَا يَصْرِفُ عَنِّي سَيِّئَهَا إِلَّا أَنْتَ ... )) فنحن أولى بسؤال الله هذا السؤال والإلحاح في طلبه ، حتَّى يرزقنا الله خُلقا حسنا .
• وعلى المسلم الذي عرف دين ربِّه ، وعقل سُنَّة نبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أن يظهر للناس من الأخلاق والتصرفات ما يمليه عليه دينه ، لا ما يكون فيه الانتصار لنفسه أو المجاراة لمن أساء إليه في إساءته ، ولن يسلم الإنسان من أذيَّة غيره له ، سواء كانت أذيَّة حسيَّة أو معنويَّة ، لكن الموفَّق من سدَّده ربه ، وهداه إلى كظم غيظه ، والإعراض عن مجاراة من جهل عليه وظلمه فقد قال الله تعالى { خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ (199) وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (200) إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ (201) } ، وقد قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فيما رواه الإمام أحمد وغيره عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قال : (( الْمُؤْمِنُ الَّذِي يُخَالِطُ النَّاسَ وَيَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ أَعْظَمُ أَجْرًا مِنْ الَّذِي لَا يُخَالِطُهُمْ وَلَا يَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ )) .
• وقد جاء في الشرع المطهَّر أن للمسلم أن يقتص ممن ظلمه ، لكن العفو أفضل وأكمل فقال الله تعالى { وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ (39) وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (40) وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ (41) إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (42) وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (43
| |
|
المديرالعام رئيس مجلس الإدارة
عدد الرسائل : 4686
| موضوع: رد: "ربنا لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا" الأربعاء أكتوبر 27, 2010 11:29 pm | |
| ماشاء الله عليك اخي الغالي تشكر لكل مجهود وجعله الله بميزان حسناتك | |
|
الخل الوفي عضو مجلس الإدارة
اسم دولتي : عدد الرسائل : 285 العمر : 54
| موضوع: رد: "ربنا لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا" الخميس أكتوبر 28, 2010 11:53 pm | |
| | |
|
المديرالعام رئيس مجلس الإدارة
عدد الرسائل : 4686
| موضوع: رد: "ربنا لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا" السبت أكتوبر 30, 2010 12:12 am | |
| بل نحن يجب من يتشكرك لحضورك بيننا اخ لنا | |
|
الخل الوفي عضو مجلس الإدارة
اسم دولتي : عدد الرسائل : 285 العمر : 54
| موضوع: رد: "ربنا لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا" السبت يناير 15, 2011 9:44 am | |
| اصبر على مضض الحسود فإن ذلك قاتله
فالنار تأكل نفسها إن لم تجد ما تأكله
استاذ حسان انت اخ غالي على قلوبنا انشاء الله | |
|
سميرة مديرة المنتدى
اسم دولتي : عدد الرسائل : 1643 العمر : 42 المهنة : مهندسة دولة في البيولوجيا المزاج : وحيدة
| موضوع: رد: "ربنا لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا" السبت يناير 15, 2011 7:07 pm | |
| شكرا اخي الخل على ما كتبت لنا مفيد جدا | |
|