لكل من يحب أن يتعرف على هذا الإنسان :
غالباً ما يتم تعريف أوشو بالقول بأنه: لم يولد أبداً، ولم يمت أبداً ولكنه زار هذه الأرض ما بين 11 ديسمبر 1931 وحتى 19 يناير 1990.
إنه المتصوف المستنير... وخلال ثلاثين عاماً أمضى وجوده فيها عبر المحاورات -تلك التي تذكرك بأيام الفلاسفة اليونانيين- ولقد ناقش أفكار الحكماء في العالم واستمر في محاولة طرح رؤية جديدة وحديثة حول كل الأشياء الخاصة والمحيطة بالإنسان.
لقد ناقش معيداً الحياة إلى الأوبانيشاد، جوردجيف، كريشنا، بوذا، والزرادشيتة.. كما تحدث حول أفكار الهاسيدز والصوفية واليوغا والتانترا والتاو وغيرها... لقد جلب أطراف الحكمة التي راكمتها البشرية إلى بعضها البعض.
لقد تجاوزت تعاليم أوشو كل الفكر المؤسسي الديني والروحاني المنظم، وحاول أن يساعد الإنسان على تلمس طريقه في الزمن الحالي من سعي الفرد إلى معنى الحياة...
وقد وضعت صحيفة سندي تايمز البريطانية أوشو كواحد من أهم مئة شخصية شكلت القرن العشرين. أما أوشو فإنه قدّم توجهاته بأنها محاولة للمساعدة في خلق مناخ لولادة نوعية جديدة من البشرية ترتقي بأرواحها وتدرك وجودها وروابطها في هذا الكون.
إن أوشو يسعى لأن يجمع بين الخيوط التي نسجت روحانية الشرق مع الفكر العلمي للغرب في الإنسان الحديث، وقد طور أوشو أساليب التأمل لتكون جزءاً من الحياة اليومية للإنسان هادفاً نحو الصفاء النفسي والروحي والخروج من رحى الاستلاب والاغتراب.
في الحادي عشر من كانون الأول ولد أوشو في كوتشوادا مادهيا برادش في الهند. ومنذ بداية شبابه راح يبحث عن الحقيقة، انطلاقاً من تجاربه واختباراته وليس من خلال المفاهيم الدينية والاجتماعية السائدة في مجتمعه أو من خلال ما حاول البعض أن يلقنه من معارف ومعلومات، وما أن بلغ الحادية والعشرين حتى اكتملت تجربته مع الحياة.
وبعد دراسة عميقة لسيكولوجيا الإنسان المعاصر ومنذ أواخر الستينيات من القرن الماضي شرع أوشو يطور تقنياته التأملية الديناميكية لمساعدة "الإنسان المعاصر المثقل بتفاهات التقاليد العتيقة، وهموم الحياة اليومية"، لمساعدته على اكتشاف ذاته من خلال التأمل والتحرر من الفرضيات والأفكار المسبقة، وتطهير النفس من رواسب المفاهيم البالية.
في بداية السبعينيات من القرن الماضي بدأ الغرب يتعرف على أفكار أوشو. عام 1974 وفي مدينة بونا الهندية تأسست حلقة فكرية حول أوشو، ومنذ ذلك التاريخ والزوار يقصدونه للاستماع إليه رغبة في التحول من عالم المادة إلى عالم الروح ومن عالم الروح إلى عالم المادة،
ولم يترك أوشو جانباً من جوانب الحياة إلا وتحدث عنه داعياً إلى تطوير الوعي عند الإنسان والارتقاء بالروح الإنسانية إلى ما هو أبعد من المفاهيم الثقافية السائدة، إلى التعرف على الحياة من خلال الممارسة اليومية واختبار مدى أهمية الذات الإنسانية.
أهمية حكمة أوشو أنه يخاطب الإنسان في جوهر كيانه، بلغة بسيطة عميقة صادقة ومفهومة، وفلسفته تصلح لكل زمان ومكان، ويتمتع بقدرة عجيبة على إضاءة الأعماق المظلمة للنفس البشرية حيث يعشش الخوف والقلق.
يوصلنا أوشو لحقيقة لا تستقيم الحياة بدونها وهي: علينا أن نُظهر وجهنا الحقيقي مهما كان الثمن،
ويبيّن لنا بأمثلة عديدة أن الناس الذين يعيشون بأقنعة ويُظهرون عكس ما يضمرون، يصابون مع الزمن بانفصام داخلي، وتتدمر ثقتهم بنفسهم بالتدريج... ولن يعرفوا معنى الهدوء والاستقرار الداخلي.
فالصدق مع الذات أولاً ومع الآخر ثانياً، هو أساس بناء علاقات صحيحة في مجتمع سليم...
لكن كيف يمكننا أن نعرف ذاتنا الحقيقية؟! يبين لنا أوشو أن عملية البحث عن الذات أشبه برحلة شاقة، إذ يجب علينا إسقاط جميع الأفكار الموروثة عن أنفسنا، فالإنسان يجمع كل ما يقوله الناس عنه، ويجعله هويته...
إننا ننسى صفاتنا الأصيلة ووجهنا الحقيقي، ويصير هدفنا الحصول على إعجاب الناس وتقديرهم ورضاهم، وللأسف العالم الذي نعيش فيه ليس متحضّراً كما يدّعي، بل هو عالم بربري وبدائي يمجّد القوة التي غالباً ما تكون وحشية وظالمة ومنافقة...
باختصار يدفعنا أوشو للمجازفة... يقول بإيمان: جازف لتكون حقيقياً. وكل الوقت الذي عشناه باستخدام الشخصية الزائفة هو انتحار بطيء نمارسه على أنفسنا.
.........................