بلبلٌ كل يوم وقت غروب شمس المساء
يجلس عند حافة البسمة
يراقب رحيلها ببطء
لا يدري رحيل من
البسمة أم شمس المساء
بأخذ صوراً للذكرى
قبل أن تنطفئ تلك الأشياء
ارحل الأنوار من حوله
ليحتل السواد فناء عينيه السوداوين
نرحل البسمات عن عن وجهه
ليتبلد وجهه بمشاعر تمثال أثري
ترحل الكلمات عن فمه
فيستوطن شفتاه المتشققتان ينبوع القحولة الصامت
ترحل الفكر من عقله
ليتوه في دوامةٍ شفافةٍ من اللا انتباه
فيبقى وحيداً بين الظلمات
بطلق أغانيه الحزينة
لعل شمي وحدته تغرب عن سمائه
لعل بسمته تنجو من سقوطها من هاوية نسيانه السحيقة
لعله يعود كما يحب
كما كان
لعل قمر النسيان يشرق إشراقته البهية في عالمه
لكن......
كل يومٍ يألف ألاف الأغاني
يغنيها لحناً سرمدياً
ونواحاً أبدياً
على أحزانه
فتقهره الدمعة
تحاول الخروج غصباً من عينيه الغائرتين
يكظم ألمه
ويبتلع دمعته
مع الكم الهائل من ألامه المبرحة
فتخلف هذه الكتلة المتهاوية من الدموع والألم المكظومين
ألاف الإبر في حلقه
ألاف الإبر المسممة الموجعة
لتخلف ورائها
نظرة الحزن التي وصف بها
فهو على حد قولهم
صاحب الأعين الحزينة
يخيم الظلام عليه
ليبقيه بقعة من النور
بين ألاف المصابيح المطفأة
ليبقيه إشارة إستفهام
بين ألاف إشارات التعجب
ليبقيه
طفلةً مسكينة
أضاعت لعبتها الصغيرة الحزيتة
بحثت عنها في كل مكان
فتاهت في مغارات الخوف
تاهت في سجون البرد
تاهت في مخيلة الناس
فصارت خرافةً في حياةٍ أليمة
يبقيه الظلام
ندفةً من الثلج
تسكنها أروةاح العفاريت
ندفةً من الثلج
تتجمد من البرد
فتوقد قي جزئها الأبسر
نار الوحدة
نار الحزن
الهم
الأسى
لتتجمد أوصال أمانيها
من حر ألامها المبرحة
يبقيه الظلام
شجرةً يابسةً ورافة الظلال
شجرةً قطعت في الواقع
وصمدت بوقفتها في الخيال
شجرةً قطعت
لتدفئ أولءك الحمقى
الجالسين في الجزء الأيسر
لندفة ثلج تتجمد من البرد
تبقيه الظلمة
ظلاً ضاع بين ألاف الضياء
وإسماً تاه بين ألاف الأسماء
وطفلاً ضاع بين ألاف الفكر
وصرخةً ضاعت قس حقول الصمت
تشرقه خيالاته المتلاشية
من الظلام الذي حوله
إلى ظلامها المنتشي دائماً يانتصاره عليه
تجره خيالاته
إلى كهف ظلامها
وظلماتها
يحاول أن يذهب كل هذا عنه
يحاول بأقصى قوته
يرفرف بجناحيه الصغيرين
يضرب القفص الصغير بيديه
يصيح بأعلى صمته
ويطرق باب سجنه بدقات متولية...دق دق ....دق دق...دق دق...
لكن ياللأسف
فلا مجيب
لا مجيب
يصفر لونه الأحمر
يضمحل جناحاه
يستوطن الظلام جسمه الذابل كزهرة
ويذهب هو... بعيداً عن نفسه
مخلفاً مدينة جسمه
أطلالاً لا يبكي عليها أحد
يذهب بعيداً نحو هاوية البكاء السحيقة
ليستوطن الموت ملجأً جديداً له
يحس صاحب العصفور
على شيءٍ قد حصل
على شيءٍ قد تغير
يضع يده على جزئه الأبسر
ينظر إلى نفسه نظرة ذهول
ثم يموت
فقد مات بلبل قلبه
الذي كان لطالما يضرب قضبان قفصه الصدري الصغير
لعله يخرج منه
ليغرد لجميع الناس لحن حبه الأبدي
................
.........
......
..
؟
شخص خيالي مر من هنا