العجز أو الضعف الجنسي مشكلة طبّية قديمة متجددة تؤرق الرجال في
كافة دول العالم، وتعد من القضايا "المسكوت عنها" في محيطنا العربي على نحو
خاص، وذلك بسبب حساسيتها الاجتماعية، فلا أحد يجرؤ على اقتحامها أو
الحديث عنها صراحة، أو حتى مجرد مناقشتها في كثير من الأحيان، لما في ذلك
من خدش للحياء العام، ومس للرجولة، مما دعانا لمحاولة سبر غور هذه الظاهرة
التي يتكتم عليها الكثيرون.
في البداية قمنا بجولة للعيادات التي تعالج مثل هذا المرض،حيث
التقينا بعض المرضي من الرجال، ومنهم منير محمد (37) عاما،الذي أوضح أن
العجز الجنسي يؤثر بالأساس على نفسية الرجل، ويحطمها، قائلا: :أشعر بأني
غير قادر على التعامل مع من حولي، بل اختلق معهم المشاكل، لأن ردود فعلي
غالباً سريعة، وكلما تذكرت أني غير قادر على القيام بواجباتي الجنسية، أكاد
انفجر.
أما سعيد (42)عاما فيقول: سافرت إلى الخارج للعلاج، ولكن دون
فائدة، وأشعر بأني إنسان غير سوي في الوضع الحالي، ومستعد لدفع أي مبلغ من
المال لمن يستطيع تقديم علاج لي، واستدرك قائلا: كنت بالبداية اعتقد حالتي
نادرة، ولكن بعد جولاتي في العيادات ،اكتشفت أن هناك الكثير من الحالات
المشابه لحالتي، وهو ماسا عدني نفسيا على تخطي أزمتي .
أما ناصر47 عاما
فيقول: وضعي أفضل من غيري، فكل ما لدي هو تأخرفي الانتصاب، وأتناول الآن
دواء،والأمور أفضل من السابق، ولكن في الوقت ذاته، كنت أتمنى أن أكون
إنسانا طبيعيا،وأن لا أعيش بقية حياتي على المنشطات الجنسية، التي أتضايق
كلما تناولتها لما تتركه من مضاعفات على جسدي.
أسباب الضعف الجنسي
ومن المرضى إلى المتخصصين
من الأطباء حيث يقول د.أحمد جوهر استشاري أمراض الذكورة:العجز الجنسي في
أي مجتمع عربي،لا يمكن تحديد نسبته بالشكل الدقيق، كون الكثيرين يخشون
الذهاب للأطباء، خوفا مما يسمونه بالفضيحة ويضيف: مشكلة العجز الجنسي
الأساسية عند الرجال العرب ،هى أن المعانين منه لا يتحدثون به إلا نادرا،
ويؤدي هذا الحال بالطبع ، إلى ندرة النقاشات والدراسات حول ذات الموضوع.
وربما
يكمن سبب هذا التحفظ ،في ارتباط العجز الجنسي في أذهان البعض بعملية
الشيخوخة، إلا أن العجز الجنسي ليس نتيجة حتمية لعملية تقدم السن، فالقضية
تتعلق بمستوى هرمون التيستوستيرون المنخفض في الدم، الذي يعتبر العلامة
الأساسية على الاضطراب الجنسي عند الرجل.
وعن أسباب الضعف الجنسي عند
الرجال يقول :كان الطب،ولحد وقت قريب، ينفي علاقة العجز الجنسي بالتفكير،
لكن الصورة تغيرت اليوم، إلا أن الخلاف لا يزال قائما، ففي حين يعيد بعض
المختصين %85 من حالات الاضطراب الجنسي إلى أسباب عاطفية، أو مشاكل نفسية
متأصلة، يرى الباحثون الجدد، أن تحديد هذه الأسباب بالأرقام والنسب متعذر
بعض الشيء ويضيف:العواطف يمكن أن تلعب دورا مهما، خصوصا إذا عرفنا أن
انخفاض نسبة التيستوستيرون في الدم، يؤدي إلى الإعياء، والكآبة، والتوتر،
وقلة النوم، إلا أن أسبابا أخرى مثل ضعف الدورة الدموية، وإصابة الأعصاب
بالتلف، يمكن أن تؤدي إلى العجز الجنسي أيضا.
عقاقير مسئولة عن الضعف
وعن إمكانية وجود عقاقير
مسئولة عن العجز الجنسي لدى الرجال يقول :قد تشوب العلاقة الزوجية الحميمة
بعض المشاكل الناجمة عن تناول الزوج بعض العقاقير الطبية، مما ينتج الضعف
الجنسي، إلا أن أثر هذه الأخيرة لا يقتصرعليه، وإنما يمتد إلى الزوجة، التي
ستعاني حتما من عدم اهتمام زوجها بها ويضيف:قد لا يشكل تناول العقاقير
الطبية المؤثرة سلباً على العلاقة الزوجية سوى مرحلة استثنائية، لتعود
بعدها الروابط الزوجية إلى الحالة الطبيعية، لكن،حين تطول هذه المدة،لا بد
من وعي الزوجين لهذه المشكلة، واستشارة طبيب نفسي لهذه الغاية.
وعن أهم
تلك العقاقير يقول: منها عقاقير ضغط الدم المرتفع،التي تعدمن أكثر العقاقير
التي تسبّب العجز الجنسي للرجال، مع ملاحظة أنه من الصعب أن نحدد ،إذا ما
كان الدواء هو المسئول عن العجز الجنسي، أم أن هذا الأخير،ناتج من تأثير
ضغط الدم المرتفع على جدران الأوعية الدموية (الشرايين)ويحدد د جوهر. أبرز
الأدوية التي تسبّب مشكلة جنسية للرجل، في عدة أدوية منها
(كاتابريس،ألدومت) بالإضافة إلى (سيربازيل) ويقول :هى تؤدي إلى العجز
الجنسي للمريض الذي يتناولها، بنسبة %25 إلى %30، علما أن نتائجها تتمثل في
قلة الرغبة ، وإن كان يندر استعمالها لقدمها.
وهناك
عقاقير مثل (ميتوبرولول) و(بروبرانولول) يؤديان إلى العجز الجنسي وقلّة
الرغبة، كذلك الحال مع عقار(سيملن) الذي يؤدي إلى عدم وجود السائل المنوي
عند الذروة، وهناك عقاقير مدرات البول مثل (سبايرونولاكو)الذي يسبب تضخم
الثدي لدى الرجال، وضعفا جنسيا .وهناك مهدئات مثل(فينتو ثيارينز) ومن
نتائجها السلبية قلة الرغبة والعجز الجنسي، وعدم وجود السائل المنوي وكذلك
الحال مع مضادات الاكتئاب (أنا فرتنيل ، توفرانيل ، والفاليوم) التي تؤدي
إلى قلة الرغبة الجنسية وعدم وجود سائل منوي، بالإضافة إلى استخدام العلاج
الهورموني (الاستروجين) أثناء علاج سرطان البروستاتا، نتيجة لقلة إنتاج
هرمون الذكورة،و أقراص( تاجامت) وهي العلاجات المستخدمة لقرحة المعدة،
وتؤدي إلى قلة الرغبة الجنسية والضعف الجنسي نتيجة للتأثير المضاد لهورمون
الذكورة، ونتيجة لزيادة هرمون الحليب،مع ملاحظة أن الأدوية الحديثة كـ
(فاموتيدين) لا تسبّب هذه الأعراض.أما أقراص (نيزورال) التي تستخدم لعلاج
الفطريات،فتؤدي إلى النتائج السلبية عينها،وهناك بعض أدوية القلب كـ
(ديجوكسين) لها أثر مباشر على قلة الرغبة الجنسية، وتؤدي إلى زيادة هرمون
الأنوثة وهرمون الحليب، وقلة هرمون الذكورة.
وعن النصيحة للمرضي بهذه
الأمراض يقول :المستحسن في هذه الحال، استخدام الأدوية المستخلصة من
الأعشاب، والخالية من الأعراض الجانبية، في علاج مثل هذه الحالات، والتخلي
عن هذه الأدوية ويضيف :على أية حال، فالعقاقير العلاجية السائدة في السوق
ليست المسئولة الأخيرة عن حالات العجز الجنسي، لأن تناول المخدرات مثل
(الهيروين والامفيتامين، والمهدئات، والكحول) كلها تضعف أداء الرجل الجنسي
أيضا، ففي حين تحفزالمخدرات والمهدئات العصب الذي يؤخر عملية القذف، فإنها
قادرة أيضا على دحر نفسها بنفسها ،لأنها تكبح جماح مجموعة الأعصاب الأخرى،
التي تتحكم بالرغبة الجنسية وتطيل أمدها، والنتيجة معروفة: عملية جنسية
قصيرة بمتعة اقل.
الفياجرا تنقذ الموقف
وعن
تأثير المنشطات الجنسية خاصة عقار الفياجرا يقول : المنشطات الجنسية مثل(
الفياجرا) أنقذت الكثير من الرجال الذين يعانون من الضعف الجنسي، مع العلم
أن هذه المنشطات خطيرة، ويجب أخذها فقط بعد مشاورة الطبيب، حيث يمكن أن
تحدث تفاعلات إذا كان الشخص يتناول أدوية أخرى، أو لديه حساسية معينة ويضيف
:هناك بعض الأمراض التي لا يجب تناول المنشطات الجنسية بالتزامن معها ،
فمثلا إذا كان الشخص يتناول أدوية تتعلق بالذبحة الصدرية، وتناول الفياغرا،
فأن الوفاة حتمية، وهناك أمراض أخرى لا يجب تناول الفياجرا بالتزامن معها،
كقرحة المعدة، وفقر الدم، وجلكوما العين، وأمراض القلب المزمنة بشتى
أنواعها .
وحول
الأعراض الجانبية التي قد يسببها تناول الفياجرا يقول :للفياجرا أعراضا
جانبية كالصداع ،وارتفاع درجات حرارة رقبة المريض، وسوء الهضم، بالإضافة
إلى احمرار في الوجه، وزغللة بالعيون ويضيف :الدراسات تشير لضرورة تناول
المنشطات الجنسية في الغالب قبل ممارسة الجنس بساعة، مع الأخذ بالحسبان عدم
تناول وجبة طعام دسمة قبل ذلك، لما يسببه هذه الأمر من تفاعل سلبي مع
المنشط.
وعن النصائح التي يتوجه بها إلى الزوجات لمساعدة الأزواج لتخطى
تلك المشكلة: على الزوجة أن تقف إلى جانب زوجها خلال هذه الفترة العصيبة،
فالرجل يكون في أمس الحاجة إلى العطف والحب والحنان ويضيف:عليها أيضا
القيام بزيارة الطبيب مع زوجها لمناقشة ظروف مرضه وعلاجه، بالإضافة إلى
إمكانية استبدال علاجه بآخر لا تأثيرا جانبيا له ، يفضّل زيارة الطبيب
النفسي إذا كان يتناول أدوية نفسية لغرضين: أولهما، لمعرفة مدة العلاج
وإمكانية استبداله بعلاج آخر أقل أثرا على القدرة الجنسية، وثانيهما طلب
النصيحة في كيفية التعامل مع زوجها أثناء فترة العلاج، أي أثناء فترة الضعف
الجنسي، لكي يجتاز هذه المرحلة بدون أية آثار سلبية.