الاصمعي :
إنه أبو سعيد عبد الملك بن قريب الأصمعي ، من مشاهير علماء اللغة ، ولد بالبصرة عام 122هـ / 740 م ومات فيها عام 213 هـ / 821 م .
نسب إلى جد له يدعى الأصمع ، ونشأ في ظروف مضطربة ، وانكب على التحصيل في جد ونشاط في مسقط رأسه ، وأفاد من دروس الخليل وأبي عمرو عيسى بن عمر وأبي عمرو بن العلاء ، وسرعان ما أصبح شيخاً يسمع له الناس في البصرة ، فأخذ عنه أبو الفضل الرياشي وأبو عبيد وأبو هاشم السجستاني وأبو سعيد السكري .
كان ضليعاً في لغة الأعراب ولهجاتهم ، كما كان على دراية تامة بفنون الشعر .
وقد وصلت شهرته إلى أسماع هارون الرشيد ، فاستدعاه إلى بلاطه ببغداد ، وجعله مؤدباً لولي عهده ، وهناك تزعم الحياة العقلية الناشطة ، التي كان يحياها في بلاط الخليفة ، ثم لم يلبث أن غادر بغداد حاملاً ثروته التي جمعها بحسن تدبيره ، منتقلاً إلى البصرة مسقط رأسه ، حيث أمضى بقية حياته فيها .
وقد نال الأصمعي حظوة الوزير جعفر بن يحيى البرمكي ، وكان يمثل دور المضحّك في مجتمع الخلافة ، وإن لم يتيسر له أن يضحّك علي بن سعيد ناظر الأموال للمأمون .
وكان الأصمعي ، مثال المسلم الواعي ، الدقيق في درسه ، فلم ينشر ولم يفسر ما فيه من ذكر الأنواء ، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن ذكرها لتعلقها بأديان الجاهلية ، وكان إلى ذلك ، معظماً للسنة والرواية ، كارهاً للبدعة والرأي .
وللأصمعي مؤلفات شتى سردها ابن النديم في الفهرست ، وقد طبع منها : كتاب خلق الإنسان ، خلق الإبل ، الخيل ، الشاء ، الوحوش ، الأضداد ،القلب والإبدال ، النبات ، الدراسات ، النخل والكرم ، فحولة الشعراء .
ومما لم يطبع بعد : الأنواء ، الصفات ، الميسر والقداح ، الأمثال ، مياه العرب ، جزيرة العرب ، الرحل ، نوادر أعراب .
والحق يقال ، أن معظم مصنفي العرب ، يستقون اليوم ، كما في الماضي ، من مصنفات الأصمعي ، حتى إننا نستطيع أن نستخرج بعض كتبه مما رووه عنه ، فهو لم يقتصر في مصنفاته على إيراد أبيات منفردة من الشعر العربي القديم ، بل أورد أيضاً دواوين وقصائد برمتها .
فإلى الأصمعي إذن ، يرجع الفضل في جمع دواوين معظم الشعراء العرب ، التي وصلت إلينا ، إلى جانب مجموعته العظيمة الفائدة والكثيرة الأهمية هذه ، المعروفة بالأصمعيات ، التي وضعها ، أصلاً ، لتأديب ولي عهد الخليفة هارون الرشيد