حكم اللعب بالشطرنج ؟
الجواب :
سبق أن نقلت فتاوى العلماء في حُكم الشطرنج ، وقد نقل ابن عبد البر الإجماع على تحريمها ، وهو يكاد يكون إجماعا .
وما عُورضتُ به ليس دليلا يصحّ الاعتماد عليه .
فالعِبرة بالدليل ، وقد ثبت الدليل بالقول بالتحريم .
فقد
روى الإمام مَالِك عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ
كَانَ إِذَا وَجَدَ أَحَدًا مِنْ أَهْلِهِ يَلْعَبُ بِالنَّرْدِ ضَرَبَهُ
وَكَسَرَهَا .
ولا أعلم مُخالِفا لابن عمر من الصحابة ، وقول الصحابي حُجّة .
وإذا ثبت الدليل فأقوال العلماء أنه لا عِبرة بِقول أحد إذا ثبت الدليل مِن كِتاب أو سُنة أو قول صاحِب .
على
أن مِن قواعد الشريعة أنه متى ما دار الأمر بين الحظر والإباحة ، غُلِّب
ورُجِّح جانب الحظر ، من باب : دَع ما يريبك إلى ما لا يريبك .
ومن
باب : الحلال بيِّن والحرام بيِّن ، وبينهما أمور مُشتبهات لا يعلمها كثير
من الناس ، فمن اتّقى الشُّبُهات فقد استبرأ لِدينه وعِرضه ، ومن وقع في
الشّبُهات وقع في الحرام . وجاء هذا عن المعصوم صلى الله عليه وسلم ، كما
في الصحيحين .
وأما أقوال بعض العلماء في إباحة الشطرنج فيُقابِلها أقوال آخرين في تحريمها .
ومعلوم أن كلام العالِم يُحتّج له ولا يُحتجّ به .
فإن ما أُورِد من فتاوى يُقابِلها فتاوى علماء الإسلام ، وهم الأكثر ، وقول الأكثر مع موافقة الدليل لا يُعدَل عنه .
وفي فتاوى الأزهر :
ما حكم اللعب بالطاولة والشطرنج والكوتشينة والدومينو والسيجة ؟
فكان مِن الجواب عن هذا السؤال :
أما
الشطرنج فقد قال فيه النووى وأما الشطرنج فمذهبنا أنه مكروه وليس بحرام ،
وهو مروى عن جماعة من التابعين . وقال مالك وأحمد : حرام ، قال مالك : هو
شر من النرد وألهى عن الخير، وقاسوه على النرد ، وأصحابنا يمنعون القياس
ويقولون : هو دونه .
وقال
الحافظ - بعد ذكر حكم النرد- : واختلفوا في اللعب بالشطرنج ، فذهب بعضهم
إلى إباحته ، لأنه يستعان به فى أمور الحرب ، ومنهم سعيد بن جبير والشعبي
، ولكن بشروط ثلاثة، عدم القمار، وعدم الإلهاء عن وقت صلاة ، وحفظ اللسان
حال اللعب عن الفحش ، وكرهه الشافعى تَنْزِيها ، وذهب جماعات من العلماء
إلى تحريمه كالنرد . اهـ .
وأما
ما يُقال عن الشطرنج أنه لا يُلهي عن الصلاة ، فلم يقتصر الأمر على
الإلهاء عن الصلاة ، بل مع كونه مُلهيا عن الصلاة فإنه يعكفون عليه كما
يعكف أهل الأصنام على أصنامهم !
فانظر إليهم حال لعبهم ، يُنصِتون أشدّ مِن إنصاتهم إلى القرآن ، وهذا يعرفه كل مُنصِف .
وكثير
منهم يُكمِلون لعبهم مع سماع الأذان ، بل ويستمرون في ذلك إذا طال اللعب
حتى تُضيّع الصلوات أو تُؤخّر عن أوقاتها ، وهذا معروف عند من يلعبون
الشطرنج أو الورق وغيرها .
وفي الورق خاصة ما يُسمى بـ ( البلوت ) تتعالى الأصوات ، ويُسَبّ ألأحياء والأموات !
وهذا مُشاهَد غير خافٍ .
ويكفي في ذم الشطرنج أنها من الباطل !
قال
يحي سمعت مالِكا يَكْرَهُ اللَّعِبَ بِهَا وَبِغَيْرِهَا مِنْ الْبَاطِلِ
، وَيَتْلُو هَذِهِ الآيَةَ : ( فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ
الضَّلالُ ) .
والكراهة تُطلق في كلام العلماء المتقدِّمين ويُراد بها التحريم .
والله تعالى أعلم .