هذه القصيده تعتبر من عيون الشعر العربي
و قائلها أبو ذؤيب الهذلي
الأبيات تحمل الكثير من الحكم و العبر
أمن المنون وريبها تتوجع *** والدهر ليس بمعتب من يجزع
2 قالت أميمة ما لجسمك شاحبا *** منذ ابتذلت ومثل مالك ينفع
3 أم ما لجنبك لا يلائم مضجعا *** إلا أقض عليك ذاك المضجع
4 فأجبتها أن ما لجسمي أنه *** أودى بني من البلاد وودعوا
5 أودى بني وأعقبوني حسرة *** بعد الرقاد وعبرة لا تقلع
6 ولقد أرى أن البكاء سفاهة *** ولسوف يولع بالبكا من يفجع
7 سبقوا هوى وأعنقوا لهواهم *** فتخرموا ولكل جنب مصرع
8 فغبرت بعدهم بعيش ناصب *** وإخال أني لاحق مستتبع
9 ولقد حرصت بأن أدافع عنهم *** فإذا المنية أقبلت لا تدفع
10 وإذا المنية أنشبت أظفارها *** ألفيت كل تميمة لا تنفع
11 فالعين بعدهم كأن حداقها *** سملت بشوك فهي عور تدمع
12 حتى كأني للحوادث مروة *** بصفا المشرق كل يوم تقرع
13 وتجلدي للشامتين أريهم *** أني لريب الدهر لا أتضعضع
14 والنفس راغبة إذا رغبتها *** فإذا ترد إلى قليل تقنع
15 والدهر لا يبقى على حدثانه *** جون السراة له جدائد أربع
16 صخب الشوارب لا يزال كأنه *** عبد لآل أبي ربيعة مسبع
17 أكل الجميم وطاوعته سمحج *** مثل القناة وأزعلته الأمرع
18 بقرار قيعان سقاها وابل *** واه فأثجم برهة لا يقلع
19 فلبثن حينا يعتلجن بروضة *** فيجد حينا في العلاج ويشمع
20 حتى إذا جزرت مياه رزونه *** وبأي حين ملاوة تتقطع
21 ذكر الورود بها وشاقى أمره *** شؤم وأقبل حينه يتتبع
22 فافتنهن من السواء وماؤه *** بثر وعانده طريق مهيع
23 فكأنها بالجزع بين نبايع *** وأولات ذي العرجاء نهب مجمع
24 وكأنهن ربابة وكأنه *** يسر يفيض على القداح ويصدع
25 وكأنما هو مدوس متقلب *** في الكف إلا أنه هو أضلع
26 فوردن والعيوق مقعد رابىء الضـ *** ـضرباء فوق النظم لا يتتلع
27 فشرعن في حجرات عذب بارد *** حصب البطاح تغيب فيه الأكرع
28 فشربن ثم سمعن حسا دونه *** شرف الحجاب وريب قرع يقرع
29 ونميمة من قانص متلبب *** في كفه جشء أجش وأقطع
30 فنكرنه فنفرن وامترست به *** عوجاء هادية وهاد جرشع
31 فرمى فأنفذ من نجود عائط *** سهما فخر وريشه متصمع
32 فبدا له أقراب هذا رائغا *** عجلا فعيث في الكنانة يرجع
33 فرمى فألحق صاعديا مطحرا *** بالكشح فاشتملت عليه الأضلع
34 فأبدهن حتوفهن فهارب *** بذمائه أو بارك متجعجع
35 يعثرن في علق النجيع كأنما *** كسيت برود بني يزيد الأذرع
36 والدهر لا يبقى على حدثانه *** شبب أفزته الكلاب مروع
37 شعف الكلاب الضاريات فؤاده *** فإذا يرى الصبح المصدق يفزع
38 ويعوذ بالأرطى إذا ما شفه *** قطر وراحته بليل زعزع
39 يرمي بعينيه الغيوب وطرفه *** مغض يصدق طرفه ما يسمع
40 فغدا يشرق متنه فبدا له *** أولى سوابقها قريبا توزع
41 فانصاع من فزع وسد فروجه *** غبر ضوار وافيان وأجدع
42 فنحا لها بمذلقين كأنما *** بهما من النضح المجدح أيدع
43 ينهسنه ويذبهن ويحتمي *** عبل الشوى بالطرتين مولع
44 حتى إذا ارتدت وأقصد عصبة *** منها وقام شريدها يتضرع
45 فكأن سفودين لما يقترا *** عجلا له بشواء شرب ينزع
46 فبدا له رب الكلاب بكفه *** بيض رهاف ريشهن مقزع
47 ففرمى لينقذ فرها فهوى له *** سهم فأنفذ طرتيه المنزع
48 فكبا كما يكبو فنيق تارز *** بالخبت إلا أنه هو أبرع
49 والدهر لا يبقى على حدثانه *** مستشعر حلق الحديد مقنع
50 حميت عليه الدرع حتى وجهه *** من حرها يوم الكريهة أسفع
51 تعدو به خوصاء يفصم جريها *** حلق الرحالة فهي رخو تمزع
52 قصر الصبوح لها فشرج لحمها *** بالني فهي تثوخ فيها الإصبع
53 تأبى بدرتها إذا ما استكرهت *** إلا الحميم فإنه يتبضع
54 متفلق أنساؤها عن قانئ *** كالقرط صاو غبره لا يرضع
55 بيننا تعانقه الكماة وروغه *** يوما أتيح له جريء سلفع
56 يعدو به نهش المشاش كأنه *** صدع سليم رجعه لا يظلع
57 فتنازلا وتواقفت خيلاهما *** وكلاهما بطل اللقاء مخدع
58 يتناهبان المجد كل واثق *** ببلائه واليوم يوم أشنع
59 وكلاهما متوشح ذا رونق *** عضبا إذا مس الضريبة يقطع
60 وكلاهما في كفه يزنية *** فيها سنان كالمنارة أصلع
61 وعليهما ماذيتان قضاهما *** داود أو صنع السوابغ تبع
62 فتخالسا نفسيهما بنوافذ *** كنوافذ العبط التي لا ترقع
63 وكلاهما قد عاش عيشة ماجد *** وجنى العلاء لو ان شيئا ينفع