--------------------------------------------------------------------------------
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سألني أحد الأشخاص في هذا اليوم بحكم عملي كمحامي عن موضوع قانوني يتعلق بعقوبة تعاطي المخدرات..وفورا بعد الإنتهاء من إجابته تذكرت بحثي الذي قدمته منذ ستة سنوات للحصول على لقب أستاذ في المحاماة والذي كان موضوعه / دراسة تحليلية في جرائم المخدرات / وأحببت أن أقدم لكم جزءا في مقدمة هذا البحث يتعلق بتاريخ نشوء المخدرات للإطلاع والفائدة.. فكلنا يسمع بأنواع معينة من المخدرات ولا يعرف من أين تنشأ وكيف تصنع وماهي أنواعها وللإيضاح أقول :
لقد عرفت المجتمعات القديمة المخدرات منذ آلاف السنين, فقد عرفها السومريون منذ أربعة آلاف سنة قبل الميلاد, وكانت عندهم رمزا للكيف,
وعرفها الآشوريون منذ القرن الثامن قبل الميلاد حيث كانت تحرق بذور القنب الهندي لإستنشاق الأدخنة المتصاعدة منها.
كما عرفت من قبل قبائل السيت البربرية التي كانت تقطن على شواطىء البحر الأسود منذ(500)سنة قبل الميلاد حسب ما ذكر هيرودوت.
وقد عرفها الفراعنة المصريون منذ(1500)سنة قبل الميلاد كمخدر ومسكن للألم ودواء يمنع الأطفال من الإفراط في البكاء.
وقد نقل السومريون الأفيون الى مصر وبلاد فارس وكانوا يستعملونه في معالجة الزحار, ثم نقله التجار البرتغاليون بعد ذلك الى الهند ثم الصين في القرن العاشر الميلادي.
وبعد ذلك شاع استعماله في الهند بشكل واسع في القرن السابع عشر حيث احتكرت شركة الهند الشرقية الإنكليزية تجارة الأفيون وأخذت تستورد الأفيون ثمنا لما كانت تبيعه من شاي وحرير .
أما الصين فكانت تستورد ما يقارب من(15)طن من الأفيون كل عام حتى وصلت الكمية في عام 1970 الى أكثر من (400)طن في السنة.
وعندما شعر إمبراطور الصين آنذاك بهذا الخطر أصدر مرسوما يقضي بتحريم المخدرات ومنع استيرادها.ولكن بريطانيا التي تضررت تجارتها ومصالحها قامت بشن حرب على الصين عام1840 وسميت حرب الأفيون وأرغمت الصين على توقيع معاهدة تاكنج التي تنازلت بموجبها عن هونغ كونغ.
وقد عرف العرب المخدرات في القرن الثامن عشر الميلادي حيث كان الطبيب العربي ابن البيطار يصف التخدير بالقنب الهندي.
وقد جلب التتار معهم المخدرات الى البلاد العربية عام1258 وقد خلفوا ورائهم هذه السموم عندما دحرهم العرب في معركة شقحب التي انتصر فيها أهل الشام ومصر عليهم.
وأهم أنواع هذه المخدرات والأكثر انتشارا:
أولاـــ الحشيش المخدر
واسمه العلمي(كاناس ساتيفا) وهو عبارة عن مادة مخدرة تحضر من نبات القنب الهندي, وهو نبات حولي غزير النمو موطنه الأصلي آسيا وأدخل الى أوربا عام 1500م بحيث أصبحت تعتبر أوربا المركز الرئيسي لإنتاج القنب ومشتقاته وخاصة أليافه المستخرجة من السيقان.
وأشد ما فيه تخديرا هي ذراته المكونة من مادة راتنجية جافة والمسماة (الغبارة).
وغالبا ما يجري تعاطي الحشيش بطريقة التدخين وأحيانا بطريقة المضغ. وهو يورث ضياعا وابتعادا عن الواقع واضرابات ذهنية وفقدان للمناعة.
ثانيا ــ الأفيون
وهو العصارة التي يفرزها تجريح وتخديش ثمرة الخشخاش قبل جفافه ونضجه.
والخشخاش هو نبات عشبي يحمل أكوازا بيضاء وعند تجريحه تكون عصارته كاللبن في لونها وتجمع حين تجف ويصبح لونها قاتما.
ومن مشتقاته الهروين:
حيث يستخرج بعملبة كيميائية على شكل مسحوق أبيض غير بلوري وهو من أشد المخدرات سيطرة على الإنسان حيث يسبب الإدمان بعد ثلاث جرعات فقط.
وغالبا ما يتم استعماله عن طريق الشم أو مخففا عن طريق الحقن في الشريان, وهو يؤدي الى الموت عند مضاعفة الكمية.
ثالثا ــ المورفين
وهو عبارة عن مسحوق أبيض على شكل مكعبات وبالتذويب يكون كسائل في أمبولات زجاجية للحقن تحت الجلد وفي الشريان.والأدمان على تعاطيه يسبب خطرا لا يمكن علاجه وهو يؤدي الى عند إدمانه الى شلل الأمعاء وانقطاع التنفس.
وهو ذو أهميه كبرى في الطب والجراحة كمخدر طبي حيث يستمر مفعوله حتى ثماني ساعات وله مشتقات أخرى كالكودائين والبابغرين والثابين....
رابعا ـــ الكوكائين
ويستخرج من شجرة الكوكا , وهي من فصيلة الكتانيات وأوراقها بيضويه كانت تمضغ من قبل الهنود قديما وتزرع في كولومبيا والبيرو وبوليفيا. وصناعته تحتاج الى عملية كيميائية متقنة حيث ينتج على شكل بودرة ناعمة بللورية الشكل وتعرض على شكل لفافات من الورق للتدخين أو يعرف صيدلانيا على شكل حبوب الكبتاكون أو على شكل سائل للحقن تحت الجلد.
وهو يحدث إدمانا وخمولا في الجهاز العصبي يؤدي الى الجنون والى ذبحة قلبية وإحباط وعنف وانفصام ووهن وضعف واضطرابات دماغية.
خامسا ــ القات
وهو نبات من فصيلة القاتيات وموطنه الأصلي أثيوبيا ويزرع في اليمن ويتكاثر بالبذور ويستعمل بطريقة مضغ أوراقه الخضراء الطازجة وتركها في الفم وابتلاع عصارته لتترك في جسم المتعاطي الأثر الذي يريد.
وهو يقود الى الإدمان ويؤدي الى زيادة خفقان القلب وضغط الدم والحرارة وسرعة التنفس. كما يؤدي الى التهابات في الفم والمعدة وأمساك مزمن.