قام بهذا البحث
الباحث الإعلامي :
حسان عبد اللطيف اسماعيل
عندما حدثتني جدتي عن محرمة ليلة الدخلة وكيف تباهت بها أمام أهل زوجها وجيرانها ضحكت واعتبرت الموضوع
سخيفاً طواه الزمن ولم يعد موجوداً في هذه الأيام ..
لكن ومع القليل من التفكير بالواقع الذي يحمل ظاهره عكس ما يخبئه الباطن، يبدو أن هذا الموضوع لم ينته اليوم، إنما
تحول إلى شكل آخر، فمحرمة ليلة الدخلة مازالت موجودة في أذهان العرسان وأهاليهم ولو كانوا يخجلون من
المصارحة بها، ونحن في القرن الحادي والعشرين ، مازال العريس ينتظر ليلة الدخلة ليتأكد من شرف عروسه,
ومازالت أمه تسأله سراً وأمها تسألها سراً أيضاً .. وتبدأ الحكاية عندما تخيب العروس الآمال ويكتشف زوجها ليلة
الدخلة أن عود الثقاب قد أشعل مسبقاً.
ثلاثة أيام أمضتها سمر 22( عاماً ) دون أن ترى عيونها النوم على حد تعبيرها؛ فالشاب الذي وضعت فيه ثقتها تخلى
عنها بعد أن أفقدها عذريتها ولم يكن أمام ريتا حل إلا اللجوء إلى عيادة الطبيب النسائي لترمم عذريتها المنتهكة, علها
تستطيع أن تكمل حياتها بشكل طبيعي في مجتمع، ربما لو علم بقصتها لرفضها ورفض أن يغفر لها طيلة حياتها.
أما غسان، فكان له رأي آخر فالعملية, هي الطريق الوحيد للتخلص من الورطة التي وضع نفسه فيها, فالزواج
مستحيل لاسيما مع فتاة هو نفسه بدأ يشعر بالنفور تجاه سلوكها, فقال سراً:» لن تكون أماً لأولادي امرأة لا تستطيع الحفاظ على نفسها».
أما ما فكر فيه غسان، فماهو إلا نموذج يمثل تفكير نسبة لايستهان بها من الشباب في مجتمعنا.
لايوجد حل آخر:
الكثير من الفتيات لجأن إلى عمليات الترقيع لا لشعورهن بأنهن ارتكبن ذنباً في إقامة علاقة غير شرعية, بل بسبب
العقلية الشرقية التي تحكم المجتمع على حد قولهن ومنهن م. س, التي تصف تجربتها قائلة: «كثيراً ماكنت أسمع عن
الفتيات اللواتي يجرين هذه العملية, ولكني لم أكن أتوقع أن يحدث ذلك معي شخصياً, فالحب أعماني وجعلني أتصرف
دون وعي, فالشاب الذي تعرفت إليه من خلال الجامعة أوهمني بأنه يحبني كثيراً, ووعدني بالزواج بعد تخرجنا مباشرة,
لكن الأيام أظهرت لي عكس ما كان يقول, فثقتي العمياء به, كانت في غير محلها, لاسيما بعد أن فقدت أعز ما أملك كما
يقولون, وعندما طلبت منه أن نتزوج, بدأ يماطل إلى أن صارحني وبكل جرأة, أنه غير مستعد للارتباط بفتاة فقدت
شرفها, ولم أجد أمامي سبيلاً سوى إجراء العملية, فنحن في النهاية في مجتمع شرقي محافظ, ووجدت أنه من الأفضل
التستر على فعلتي كي لا أخسر مكانتي الاجتماعية حتى بين أهلي وأصدقائي».
ماذا أفعل؟
أما وفاء (24 عاماً) التي فؤجئت بعريس يطرق باب أهلها, وهي التي فقدت عذريتها مع الشاب الذي كانت تحبه فلم يكن
أمامها خيار آخر سوى اللجوء إلى إجراء العملية, مضيفة:» في بداية الأمر لم أفكر في إجراء العملية, وذلك بسبب
إيماني المطلق بأنني سأتزوج من الشاب الذي أحببت, لكن بعد أن رفض الزواج بي, وتقدم أحد الشباب لخطبتي من
أهلي، سارعت إلى إجراء العملية, خوفاً من أهلي والمجتمع».
أما عن خطيبها الذي لا يعلم عن الموضوع شيئاً، تقول وفاء:» كثيراً ما فكرت أن أصارحه بالحقيقة لكني لم أجرؤ,
وحتى هذه اللحظة مازلت قلقة على وضعي, إلى أن أتزوج ويسير كل شيء بشكله الطبيعي».
عن الشباب:
البعض من الشباب يرفضون الارتباط بفتيات فقدن عذريتهن قبل الزواج, في حين يعتقد البعض الآخر أن فتيات كثيرات
فقدن عذريتهن دون إرادة منهن.
عاطف (26 عاماً) يقول:» لايمكن أن أرتبط بفتاة فقدت عذريتها بسبب الحب, مادامت هناك أسس شرعية, تؤطر هذه
العلاقة, ويجب على الفتاة والشاب تحمل مسؤولية خطئهما في إقامة علاقة خارج إطار الزواج, والمسؤولية الأكبر تقع
على الفتاة, فالشاب مهما يكن لايمكن أن يضبط غرائزه ومشاعره أمام الفتاة التي يحبها, أما بالنسبة للفتاة، فيجب أن
تكون أكثر نضجاً, ولست من مشجعي عمليات الترقيع, لأن في هذا تستراً على جريمة أخلاقية».
أما هاني، فكانت له وجهة نظر لاتختلف كثيراً عن وجهة نظرعاطف من حيث المبدأ، لكنه أضاف أن هناك الكثير من
الفتيات يفقدن عذريتهن بسبب حادث ما, أو تعرضهن لعملية اغتصاب, وفي مثل هذه الحالات يجب ألا نزيد الطين بلة
ونعاقب الفتاة على ذنب لم تقترفه بدل الوقوف إلى جانبها, وعملية الترميم هي مساعدة لهذه الفتاة كي تتابع حياتها
بشكل طبيعي, أما بالنسبة للفتاة التي تفقد شرفها بإرادة منها, يجب أن تتحمل نتيجة خطئها».
نافذة على رأي المجتمع
د. هناء برقاوي أخصائية في علم الاجتماع، وجدت أن هذه العمليات تؤثر على العلاقة القائمة بين الشريكين مستقبلاً,
فعدم مصارحة الفتاة للشاب, بأنها فقدت عذريتها أو قامت بعملية الترقيع سيهدم حياتهما الزوجية مستقبلاً في حال علم
الزوج بطريقة أو بأخرى. مضيفة:» أنا لست مع الفتاة التي تفقد عذريتها بإرادة منها إلا في حالات استثنائية تكون فيها
الفتاة غير مذنبة وفقدت عذريتها بسبب حادث ما, أو تعرضت في سن الطفولة لعملية اغتصاب».
أما عن التأثيرات النفسية المصاحبة لفقدان العذرية، تقول د. برقاوي:» أغلب اللواتي يجرين بهذه العملية يوجد لديهن
شعور بالذنب والندم, وهذا الشعور, يلازمهن فترة طويلة, ويجب على الأطباء الذين يقومون بإجراء هذه العملية
استشارة الأخصائيين النفسيين لتأهيل هذه الفتاة نفسياً قبل إجراء العملية, لاسيما للفتاة التي فقدت عذريتها دون إرادة
منها».
رأي الاختصاصيين
تحدثت د. جوري التلي عن عمليات ترميم البكارة قائلة:» عملية ترميم غشاء البكارة عملية من الممكن أن تقوم بها
فتاة فقدت عذريتها أو امرأة كانت متزوجة سابقاً وترغب في الزواج مرة ثانية.
وعن رأيها الشخصي في إجراء هذه العمليات تضيف د. تلي:» في مجتمع كمجتمعنا يفترض في الفتاة المحافظة على
عذريتها, لأنه وفي حالة فقدان العذرية يقع اللوم على الفتاة بالدرجة الأولى, لاسيما وأننا نعيش في مجتمع محافظ
لايغفر للفتاة خطيئتها».
أما عن الحالات التي صادفتها د. جوري تقول:» معظم الحالات التي تأتي إلى العيادة يكون فيها الشاب مع الفتاة لدفع
التكاليف المادية المتعلقة بالعملية, لأنه لايفكر في الزواج بها أساساً, ويعتبر هذه العملية تبريراً للخطأ الذي ارتكبه,
وفي حالات كثيرة وجدت فيها الفتاة مظلومة, وأن المجتمع لن يقبلها إذا فقدت عذريتها, ومن الممكن أن تفقد حياتها لما
قد تتعرض له من قتل في أسوأ الأحوال ومن نبذ اجتماعي في أحسنها».
مجتمع ذكوري
ذكرت د. برقاوي أن مجتمعنا هو مجتمع ذكوري يربط شرف الفتاة بعذريتها, والمجتمع في حالات كثيرة يلقي اللوم على
الفتاة، من دون أن يفرق بين الفتاة التي فقدتها بسبب عملية اغتصاب مثلاً ويضعها في مصاف الفتيات اللواتي فقدنها
بسبب علاقة خارج إطار الزواج, وفي هذه الحالة أنا مع أن تتحمل الفتاة مسؤولية خطئها, لأننا في مجتمع محافظ, على
خلاف الدول الغربية التي تعتبر موضوع فقدان العذرية أمراً طبيعياً».
استبيان
طرحت على مجموعة من الشباب السؤال التالي: هل تقبل الارتباط بفتاة فقدت عذريتها؟
تبين من خلال هذا الاستبيان أن 96% من الشباب يرفضون الارتباط بفتاة فقدت عذريتها من خلال علاقتها بشاب آخر,
علماً بأنهم لايرفضون أن تكون الفتاة على علاقة مع شاب قبل فترة الزواج ولكن ضمن الحدود ودون تجاوز الإطار
الذي يصل إلى فقدان العذرية.
أما عن الفتيات وفيما إذا كن يقبلن أن يكون الشاب على علاقة بفتاة أخرى فتبين أن نسبة 70% لايقبلن وجود علاقة
بين الشاب والفتاة خارج إطار الزواج في حين أن 30% منهن قبلن بوجود مثل هذه العلاقة شرط الالتزام بعد الزواج
بعدم إقامة هذه العلاقات مرة أخرى.
أرقام
ذكرت د. جوري أن 90 % من الفتيات الراغبات في القيام بالعملية، هن نادمات على ما اقترفن من ذنب, ومن غير
الممكن أن يعدن إلى ارتكاب هذا الخطأ مرة ثانية, أما عن حالتهن النفسية فأغلبهن في حالة نفسية محطمة ومتعبة
للغاية».
أما تكلفة العملية فتبلغ حوالي 10 آلاف ليرة، إلا أن بعض الأطباء يطلبون مبالغ خيالية مستغلين حاجة الفتاة لهذه
العملية, ومن الصعب أن يكتشف شخص غير الطبيب أن هذه الفتاة قامت بالعملية, أما عن الفتيات اللواتي فقدن
عذريتهن فمعظمهن فقدنها في فترة الخطبة وقمن بها نتيجة فسخ هذه الخطبة».
مخالف للقوانين
بعض اختصاصيي الطب النسائي يرفضون إجراء عملية الترقيع, من مبدأ عدم التستر على هذه الحالات, فهي أمر
مرفوض من الناحية الطبية.
وذكر البعض منهم أن إجراء هذه العملية مخالف للقوانين الطبية, وأكد البعض منهم أن عملية الترقيع تُجرى في حال
تعرضت الفتاة لحادث معين أفقدها عذريتها, تعطى بعدها الفتاة تقريراً طبياً.
------------------------------------------------------------------------------------