بدأ كتاب مدونة وسيصبح سيناريو مسلسل تلفزيوني
"أريد الزواج"، طلب عادي جدا على لسان شاب مصري. لكن عندما يصدر عن فتاة في مجتمع جد محافظ كالمجتمع المصري - ناهيك عن إصدار كتاب يحمل هذا العنوان- فإنه يعد بمثابة بيان سياسي.
وتقول مؤلفة كتاب "عايزة اتجوز" غادة عبد العال: "لا يحسن بالفتيات المبادرة بطلب أي شئ، لا توجد الفتاة إلا من أجل شخص يتزوجها أويطلقها. وحينما تعرب غن رغبتها في شيء ما فإن ذلك يعد من باب قلة الأدب."
بدأ الكتاب على شكل مدونة، قبل أن يثير انتباه ناشر مصري، وينشر على شكل سلسلة فكاهية تحكي قصص مجموعة من الخطاب الفاشلين والمزورين الذين تناوبون على زيارة والديها لخطبتها.
إنهم شرطي معقد نفسيا، ومتطرف أشعث، وكذاب مفتر وعدد آخر من الشخصيات التي ترسم ملا محها لغة فكهة باللهجة المصرية.
قلق الزواج
تسعى الكاتبة المحجبة بصوتها الرخيم وعزيمتها القوية وبقوة ملاحظتها إلى نسف عادات متخشبة ومتنافرة.
وتقول عبد العال إنها لا تستهدف الرجال بل تقاليد من قبيل ما يعرف بـ"جواز (زواج) الصالونات"، حيث يؤتى بغريب إلى البيت، وعلى الفتاة أن تقرر ما إذا كانت تريد الزواج به استنادا إلى هذا اللقاء القصير: "إن المرء بسعى إلى التعرف أكثر إلى رفيقه عندما يكونان ذاهبان في نزهة، فما بالك إذا تعلق الأمر بالتزام قد يستغرق العمر كله."
إن الشعبية التي يحظى بها الكتاب - فقد طبع للمرة الثالثة، كما أن مسلسلا تلفزيونيا يستلهمه في طريق الإعداد- تعكس قلقا منتشرا في المجتمع المصري. فثمة أعداد متزايدة من الشبان الذي لا يستطيعون إلى الزواج سبيلا.
وعلى الرغم من أن الكتاب يركز على البحث عن "السيد مناسب"، فإن المؤلفة تعترف بأن العقبة التي يصعب تجاوزها تتمثل في العثور على شقة يمكن تحمل مصاريفها. ولهذا السبب يظل العديد من الشبان مخطوبين عدة سنوات قبل أن يتمكنوا من توفير المبلغ الكافي.
"وقبل أن يعيشوا مع بعضهم البعض تحت سقف، يكونوا قد سئموا بعضهم البعض،" تقول نهاد أبو القمصان العضو في منظمة للدفاع عن حقوق النساء.
وتضيف أبو القمصان قائلة إن هذا من بين أسباب ارتفاع نسبة الطلاق في صفوف المتزوجين حديثا.
وبلغ تأثير ارتفاع أسعار العقارات على الزواج في مصر حدا دفع ببعض معدي البرامج التلفزيونية إلى ابتداع قرعة يشارك المتزوجون الشيان الساعين إلى الحصول على بيت. وقد هرعت أعداد هائلة إلى التسجيل في البرنامج الذي سيعرض في رمضان.
حرمان جنسي
بعضهم يعتبره قنبلة توقيت اجتماعية. الشريعة واضحة في هذا الموضوع: لا جنس قبل الزواج. فكيف يتعامل الشبان مع الوضع.
وتقول عالمة الاجتماع مديحة الصفطي من الجامعة الأمريكية في القاهرة إن من بين آثار الحرمان الجنسي ارتفاع معدلات التحرش الجنسي بالنساء والاغتصاب إلى درجات غير مسبوقة في مصر.
وتضيف الصفطي: "إذا ما كنت مكبوتا، فهناك خيار أن تصرف ذلك عبر العنف. البعض يختارون الطريق الأسلم بتبني موقف متدين، ليس التطرف بالضرورة، ولكنه قد يبلغ أحيانا حد التطرف."
لكن عالمة الأنثربولوجيا هنيا شلقامي تتردد في ربط التحرش الجنسي والاغتصاب بأزمة الزواج.
وتقول شلقامي: "لا أعتقد أن جميع من يتحرشون جنسيا بالنساء عزاب، أو مكبوتون جنسيا. هناك عدة ملايين من الناس يعانون أشد الكبت الجنسي، لكنهم لا يتحرشون بالنساء. أعتقد أن المشكلة تنحصر في العنف والفوارق بين الجنسين بكل بساطة."
الفوارق بين الجنسين موضوع يسيطر على كتاب عبد العال من موقع المرأة الدوني في مجتمع تقليدي إلى المرأة كمربية أطفال.
"؟يسألون الفتيات في سن الثالثة أو الرابعة من ستتزوجن، يغرسون في أذهانهن فكرة مفادها أن هدفهن من الحياة، هو الزواج . وحتى بعد أن ترتاد الفتاة المدرسة يقولون لها إن مستقبلها هو بيت زوجها. لذا ماذا تفعل إذا لم تتزوج، هل تضرم النار في نفسها؟".