أنثى جمعني بها لقاء عابر

عندما يُكتب عن حبيبينِ قد لا نفهمُ بعضٌ منه بقدرِ ما نفهمه عندَ رؤيةِ وجه أحدهما ينظرُ بتمعنٍ إلى وجه الآخر ويطيل النظر ..
فمن المؤكدِ أنّ ما تدركهُ العين من عينِ حبيبها لا تستطيع بوحهُ بالكلمات وتفر الكلمات للمجهول.. بل يبقى كوجدٍ دفين قد يطولُ بحسرةٍ إلى الأمد ..

فكأنّ شعاعَ الضحى في معالم وجه الحبيبة .. ليس إلا القمر ينبثقُ من بين الغيوم الهادئة .. في عينيها نظرةٌ كالسكون بعد الكلمةِ التي قيلتْ همساً بينها و بين حبيبها ..تراها ما قالت ؟

فانظر إلى هاتينِ العينين .. إنّها العيونُ التي تفتنُ الرجلَ بها و تسحرهُ متىوقعت نظراتها عليه.. و تعذبهُ و تضنيه إن غابتْ عنهُ .. إنّ في شعاعهما القدرةَ على وضعِ النورِ في القلب المتيم .. كما و أنّ في سوادهما القدرة على وضعِ الظلمةِ في القلبِ المهجور ..

ثم انظر فمها التي تَعجزُ كلُّ حدائقِ الأرض بأن تخرجَ وردةً حمراءَ شبيهة به ..
ترى الوجه يجمعُ بين روحِ الشمس و روحِ القمر الضّاحي وكوكبة النجوم .. فكيف لا و تلكَ منطقة القبلات في مطلع هذا الجمال ..

تراها و قد خُلقتْ مرّتين .. إحداهما من خلقِ الله .. و الأخرى كانت قد خُلقتْ من حُبّي أنا من عشقي أنا.. من نفسي أنا ..ومن ذاتي ... فعندما نقول كلمة " جميلة " هي كلمة تصفُ المرأة التامّة .. لكن في ذاتكَ فهي لا تصِفها بعض الوصفِ و ما رسمُتها إلا حدوداً لتلكَ الروحِ التي تملؤها قوةُ التسلط والأحتلال .. و هيهاتِ هيهات أن تهبكَ تلكَ الروحُ إلا ما يبدو منَ الجمرةِ المشتعلة ....

و من ثم يمسي الأديبُ مهموماً .. و قد كانتْ أفكارهُ تتفجرُ في الدماغ انفجاراً في هذه الباحة و آخرُ في تلك ..
و تُغلقُ أبوابُ النفسِ و منافذها .. ويلتهب دمهُ جمرةٌ من جهنّم فيها عذابُ الحريقِ دون الإحراقِ ذاته كيلا ينتهي هذا العذاب .. و بعض من طبيعتهِ الروحانيةِ الكاملةِ الممزوجةِ بالطبيعة البشريةِ الناقصة تتألمُ الروح لها و يتجنبها الجسدُ فيتألمُ بها ...

حبٌّ عقيم .. مهما يكنْ من شيءٍ فما هو الا بعيدٌ عن الواقع ...
حبٌّ عجيب .. لا تُنتَفى منهُ آلامهُ و لا تُحتوى فيه لذّاتُه ..
حبّ معقد .. يلقى العقدةَ تلوَ العقدة لكنه لا يزالُ يرفض الحلَّ الذي لا تحلُ العقدة إلا به ..
حبّ أحمق .. يبحثُ في الحقائق كالمنتظر أن تقع على شفتيهِ قبلة من الشفاه الذي رُسمَ على صورةٍ لا وجودَ لها ...
بل أنه حبٌ أبله .. مجنون .. كالذي يرى الحسناءَ أمامَ مرآتها حيث يقول لها : اذهبي أنتِ و ستبقى التي هيَ في المرآة !!