استوقفني موضوع قرأته مفاده أن طغيان أوروبا لم يكن السبب الجوهري
وراء بلورة حقوق الإنسان بل تلك القوانين والتشريعات الظالمة التي عانى
منها الأوروبيون كانت وراء ذلك،
لقد ورثت أوروبا مظالم القانون الروماني للمرأة فاعتبرتها ضمن الصبيان
والمجانين!! واستمرت أشكال اللامساواة هذه حتى صدور قرار الأمم
المتحدة (3010/ 74 ) بإنهاء هذا التمييز بين الجنسين،
فالسؤال الذي يطرح نفسه إذا كان هذا ما يحدث لنساء تلك الدول التي
تتفاخر بحضارتها وثقافتها وتزعم أنها السباقة في إعطاء المرأة حقوقها
فكيف يكون حال النساء في مجتمعاتنا؟
قال تعالى: ''وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ
الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً''، آية كريمة نستلهم منها
الكرامة السماوية للإنسان ذكراً كان أم أنثى، وفيها تأكيد التشريف
والتفضيل للمرأة والرجل على حد سواء، فبعد كل هذا التكريم أيحق
لأحدهما سلب كرامة الآخر؟!
يذكر الدبلوماسي الألماني هوفمان ''إن الشريعة الإسلامية قد تضمنت
قوانين مختلفة تكفل توافر الحقوق خصوصا حق الحياة، وسلامة الجسد
والحرية والمساواة في المعاملة... إلخ ''، وهذه مبادئ الإسلام منذ أكثر
من ألف وأربعمئة سنة ضمنها للمرأة والرجل من دون أي تمييز، حيث
كانت المرأة في زمن الرسول (ص) عزيزة كريمة وذات مناصب ومراكز
حساسة، ولكن وللأسف الشديد في زمننا هذا وقع عليها ما وقع من
الظلم ليسلبها أبسط حقوقها في العيش ويسلبها حتى حق المطالبة بها.
إن عدم وعي المرأة بحقوقها الشرعية والمدنية هو في الواقع السبب
الرئيس وراء استغفالها وإجحافها حقها.
خذ مثلاً قانون الأحوال الشخصية الذي كان من الممكن أن يكون حلاًّ
لمشاكلها، فقد تصدى له أناس خائفون من فتح الأبواب للمرأة خشية زيادة
وعيها بحقوقها فهاب البعض من الرجال أن يكون ذلك سبباً لسقوطهم من
عروشهم، حيث إن هذا القانون جاء على أمل أن يزيد نشر الوعي بين
الطرفين لما فيه رقي وتطور المجتمع،
لكن الضجة التي أثيرت حوله حالت دون تعمق الناس في القانون ومعرفة
بنوده بشكل واضح، وعليها إدراك ضرورة خروج هذا القانون للنور لخطوة
أولى استرجاعها لحقوقها المسلوبة منها طوعاً وكرهاً.
...........