[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]حسان اسماعيل آخر ما حُرّر، أنّ رخصة المشغل الثالث في سوريا انحصرت فيها المنافسة بين شركتين هما كيوتل القطرية والاتصالات السعودية وذلك بعد أن أصبحتا الوحيدتين اللتين قدمتا عروضهما لمشروع المشغل الثالث من أصل الشركات الخمس المؤهلة مسبقاً وهي إضافة إلى كيوتل والاتصالات كل من تركسل التركية وأورانج الفرنسية واتصالات الإماراتية
ثمّة شيء مريب في طريقة انسحاب الشركات الثلاث قبل الوصول إلى مرحلة المزاد العلني، لا سيما وأنّ طريقة الانسحاب جاءت تحت عنوان: (عرض الحكومة السورية أحبطنا!)، ما يعني أنّ تغيراً ما طرأ على العرض فجأة.
تبرير وزارة الاتصالات لانسحاب الشركات بعد أن قامت بفض العروض الفنية والتشغيلية، جاء عبر بيانها الذي ذكرت فيه
ثلاثة أسباب:[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]1. عدم وجود ترددات متاحة في الطيف 900 ميغا هرتز، إضافة إلى الترددات المعروضة في الطيف 1800 ميغا هرتز.
2. حصرية البنى التحتية والبوابة الدولية في المؤسسة العامة للاتصالات (لمدة سبع سنوات).
هذان العائقان كانت الوزارة قد أبلغت العارضين بشأنهما خلال فترة إعداد العروض بأن هناك مساع لتوفير إمكانية الحصول على الترددات المطلوبة، شريطة أن تتكفل الجهة المستفيدة بدفع نفقات تفريغها حسب ما هو معمول به في العالم. وما دامت المساعي قائمة فليس محتملاً أن يكون سبب انسحاب الشركات عائداً لهذا الأمر، طالما أنها كانت تعلم بهذا الأمر وتقدمت بعروضها.
إلا أنّ هناك سبباً آخر تحدثت عنه الوزارة..
3. نسبة مشاركة الدولة في العائدات البالغة 25%.
هذه النقطة المتعلقة بحصة الدولة من العائدات، قالت الوزارة أنها كانت مطلباً حكومياً بسبب الرغبة في المحافظة على إيراد مستمر من تراخيص الهاتف النقال، عوضاً عن الحصول على مبلغ كبير دفعة واحدة، لأن هذا بزعمها يضمن استفادة الدولة من النمو المتوقع والحتمي للقطاع لدعم التنمية في مجالات أخرى.
بطبيعة الحال فإن الوزارة تسوق تبريراً قبيحاً بالقول إنّ هذه النسبة تضمن عائدات للدولة أفضل من الحصول على مبلغ كبير دفعة واحدة، إذ لوصحّ ذلك لكانت أبرزت لنا دراسة الجدوى التي قامت بها وتوصلت إلى هذه النتيجة!.
لا أحد يعلم عن المشورة التي قدمتها الشركة الألمانية التي تعاقدت معها الوزارة لتقديم الخيار الأكثر جدوى في الترخيص للمشغل الثالث، ولا أحد يعلم كم كلفت مشورة الشركة الألمانية الخزينة العامة للدولة.
قصة المشغل الثالث للخليوي بدأت عام 2007، وهو الموعد المفترض لانتهاء عقد المشغلين الحاليين، وبدلاً من دخول مشغل ثالث وانتقال ملكية الشركتين إلى الدولة بموجب عقد BOTالذي ينص على تسليم التجهيزات والمرافق للدولة، قامت الوزارة بتمديد عقد المشغلين 5 سنوات لغاية عام 2012!.
وفي عام 2008 عاد الحديث مجدداً عن المشغل الثالث وأخذت الوزارة تماطل مجدداً، ونذكر حينها عدة تصريحات لوزير الاتصالات يجزم فيها أنّ المشغل الثالث سيبدأ العمل في منتصف العام 2009، ثم يقذف الموعد إلى بداية عام 2010.
في منتصف عام 2009 ذكرت تقارير صحفية أنّ شركة "زين الكويتية" تتفاوض مع الحكومة السورية للحصول على رخصة المشغل الثالث، وأنّ هذا الأمر كان يجري سراً!. ونفت الوزارة حينها هذا الأمر غير أنّ زين أكدت ذلك لاحقاً، وتبين أن سبب توقف المفاوضات هو اشتراط رامي مخلوف عبر شركة سيريتل المعاملة بالمثل! وتحويل عقد BOTالموقع شركتي سيريتل وإم تي إن إلى رخصة لضمان التنافسية. وبالفعل تم إدراج مادة حينها في مسودة مشروع قانون الاتصالات تقول: يتم تحويل عقد المشغلين الموجودين حالياً إلى رخصة خلال عام على الأكثر من صدور القانون!.
المريب في هذا البند هو أحقية المشغلين بهذا الأمر ما دام عقدهما قد انتهى، وقبل ذلك لماذا تم التجديد لهما ما دامت مؤسسة الاتصالات تمتلك البنية التحتية وبإمكانها إدارة القطاع!.
بعد افتضاح المفاوضات السرية مع زين الكويتية، لجأت وزارة الاتصالات أواخر عام 2009 إلى التعاقد مع شركة استشارات ألمانية كما ذكرنا لتقديم الحل الأمثل لطريقة التعاقد مع المشغل الثالث، غير أنّ المشورة لم يتم الإعلان عنها.
ومضى عام 2010 وسط مماطلة وزير الاتصالات وإطلاقه للوعود الزائفة، هكذا حتى أواخر العام حين أعلنت الوزارة عن استدراج عروض للحصول على "رخصة" المشغل الثالث.
غير أنّ 3 شركات من أصل 5 انسحبت من المنافسة، وهذا يعني أن المزاد لن يكون محتدماً، لا سيما أن أهم الشركات التي كان يمكن أن تقدم سيولة كبيرة انسحبت من المنافسة، وهي كما نعلم "اتصالات" الإماراتية- أكبر شركة لخدمات الهاتف المحمول في الشرق الأوسط من حيث القيمة السوقية للأسهم- فهل هذا الأمر مجرد مصادفة؟!.
قد يتم اتهامنا بذهنية مؤامراتية إن تساءلنا عن سبب "حشر" وزارة الاتصالات شرط 25% كنسبة من الأرباح للدولة في مرحلة متقدمة من المنافسة على المشغل الثالث، ولكن لنا الحق في هذا التفكير لأسباب عدة، منها:
أنّ هذا البند لم يكن وارداً في البداية وإلا لما تقدمت الشركات بعروضها ما دام هذا البند لايناسبها، ثانياً أنّ الوزارة المذكورة سبق أن منحت المستثمر رامي مخلوف حقّ استثمار قطاع الخليوي عبر شركتي سيريتل وسبيستل دون فتح باب العروض أمام الشركات العملاقة في هذا المجال، ثالثاً أنّ "تنفير" كبرى الشركات من المزاد وحصرها بشركتين هما الأضعف من ناحية الإمكانات بين الشركات الخمس التي تقدمت للمزاد يعني أنّ طبخة ما كان يطهوها متنفذو وزارة الاتصالات لصالح شركة ما مقابل الحصول على "إكرامية" سواء بتملك أسهم في المشغل الجديد بصورة خفية أو عبر الحصول على مقابل مادي مباشر.
وما يزيد القناعة في هذا التفكير أنّ حصول الدولة على نسبة من الأرباح، يعني أن المشغل الجديد ليس حراً في طرح خدمات تنافسية، وبالتالي سيتم الضغط عليه من قبل الشريك (مؤسسة الاتصالات) لعدم طرح منتجاته بحجة تأثيرها على الأرباح المقدسة لمؤسسة الاتصالات، وهي العصا التي استخدمتها الوزارة في الضغط على شركة إم تي إن للحيلولة دون طرح خدماتها المميزة في السوق السورية.
وأخيراً نعود إلى النقطة الأبرز في هذا الجدل، والتي أسمتها وزارة الاتصالات بالحرص على تأمين مردود دائم يسهم في تنمية بقية القطاعات، وهنا نقول لوزير الاتصالات إنّ الثابت في الاقتصاد أنّ رأس المال الكبير قادر على إطلاق مشاريع كبرى فيما رأس المال الصغير لا يمكنه تحقيق ذلك، وبالتالي لا صحة لادعائك بأنّ المحافظة على إيراد مستمر من تراخيص الهاتف النقال أفضل من الحصول على مبلغ كبير دفعة واحدة، وإلا لو كان الأمر كذلك لشهدنا مشاريع كبرى عبر عوائد هذا القطاع الذي ما تزال تحصل مؤسسة الاتصالات على 50% من أرباحه عبر حصتها من عائدات شركتي الخليوي، لكننا لم نرى مشروعاً كبيراً بل شهدنا مزيداً من التخصيص للبنى التحتية وإفلاس شركات القطاع العام الواحدة تلو الأخرى، وبالتالي تلك العوائد ساهمت في تغطية الديون لا أكثر ولم تكن أموالاً مثمرة، وهو ما سيحصل في حالتنا هذه!.